شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

تخريج القراءات التي في قوله تعالى «إن هذان لساحران»

صفحة 79 - الجزء 1

  وزعم أن بناء المثنى إذا كان مفرده مبنيّا أفصح من إعرابه، قال: وقد تفطّن لذلك غير واحد من حذّاق النّحاة.

  ثم اعترض على نفسه بأمرين؛ أحدهما: أن السبعة أجمعوا على البناء في قوله تعالى: {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ}⁣[القصص، ٢٧] مع أن «هاتين» تثنية «هاتا» وهو مبني، والثاني: أن «الذي» مبني، وقد قالوا في تثنيته الّذين في الجر والنصب، وهي لغة القرآن كقوله تعالى: {رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا}⁣[فصلت - ٢٩].

  وأجاب عن الأول بأنه إنما جاء «هاتين» بالياء على لغة الإعراب لمناسبة «ابنتيّ» قال: فالإعراب هنا أفصح من البناء؛ لأجل المناسبة، كما أن البناء في {إِنْ هذانِ لَساحِرانِ}⁣[البقرة - ٢٤٨] أفصح من الإعراب؛ لمناسبة الألف في «هذان» للألف في ساحران.

  وأجاب عن الثاني بالفرق بين «اللذان» و «هذان» بأن «اللذان» تثنية اسم ثلاثي؛ فهو شبيه ب «الزيدان»، و «هذان» تثنية اسم على حرفين؛ فهو عريق في البناء لشبهه بالحروف.

  قال ¦: وقد زعم قوم أن قراءة من قرأ (إن هذان) لحن، وأن عثمان ¥ قال: إن في المصحف لحنا وستقيمه العرب بألسنتها، وهذا خبر باطل لا يصح من وجوه:

  أحدها: أن الصحابة ¤ كانوا يتسارعون إلى إنكار أدنى المنكرات، فكيف يقرّون اللحن في القرآن، مع أنهم لا كلفة عليهم في إزالته؟

  والثاني: أن العرب كانت تستقبح اللحن غاية الاستقباح في الكلام، فكيف لا يستقبحون بقاءه في المصحف؟

  والثالث: أن الاحتجاج بأن العرب ستقيمه بألسنتها غير مستقيم؛ لأن المصحف الكريم يقف عليه العربيّ والعجميّ!

  الرابع: أنه قد ثبت في الصحيح أن زيد بن ثابت أراد أن يكتب {التَّابُوتُ} بالهاء على لغة الأنصار فمنعوه من ذلك، ورفعوه إلى عثمان ¤ وأمرهم أن يكتبوه بالتاء على لغة قريش، ولما بلغ عمر ¥ أن ابن مسعود ¥