شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

يلحق بالمثنى خمسة ألفاظ

صفحة 80 - الجزء 1

  قرأ «عتّى حين» [يوسف، ٣٥] على لغة هذيل أنكر ذلك عليه، وقال: أقرئ الناس بلغة قريش؛ فإن الله تعالى إنما أنزله بلغتهم، ولم ينزله بلغة هذيل، انتهى كلامه ملخصا.

  وقال المهدوي في شرح الهداية: وما روي عن عائشة ^ من قولها: «إن في القرآن لحنا ستقيمه العرب بألسنتها» لم يصح، ولم يوجد في القرآن العظيم حرف واحد إلا وله وجه صحيح في العربية، وقد قال الله تعالى: {لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}⁣[فصلت، ٤٢] والقرآن محفوظ من اللحن والزيادة والنقصان، انتهى.

  وهذا الأثر إنما هو مشهور عن عثمان ¥، كما تقدم من كلام ابن تيميّة |، لا عن عائشة ^ كما ذكره المهدويّ، وإنما المرويّ عن عائشة ما رواه الفرّاء عن أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه أنها ^ سئلت عن قوله تعالى في سورة النساء {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ}⁣[النساء - ١٦٢] بعد قوله: {لكِنِ الرَّاسِخُونَ} وعن قوله تعالى في سورة المائدة: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ}⁣[المائدة، ٦٩]، وعن قوله تعالى في سورة طه: {إِنْ هذانِ لَساحِرانِ}⁣[طه، ٦٢] فقالت: يا ابن أخي، هذا خطأ من الكاتب - روى هذه القصّة الثعلبيّ وغيره من المفسرين، وهذا أيضا بعيد الثبوت عن عائشة ^؛ فإن هذه القراءات كلها موجّهة كما مرّ في هذه الآية، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى في الآيتين الأخيرتين عند الكلام على الجمع، وهي قراءة جميع السبعة في {الْمُقِيمِينَ} و {الصَّابِئُونَ} وقراءة الأكثر في {إِنْ هذانِ} فلا يتّجه القول بأنها خطأ؛ لصحتها في العربية وثبوتها في النّقل⁣(⁣١).

  ثم قلت: وألحق به اثنان، واثنتان، وثنتان مطلقا وكلا وكلتا مضافين إلى مضمر.


(١) قد أجاب الأديب النحوي الأندلسي أبو زكريا يحيى بن علي بن سلطان اليفرني الملقب ب «جبل النحو» عن هذه الآية الكريمة بجواب آخر، وحاصله أن «إن» مؤكدة تعمل النصب والرفع؛ و «ها» اسم إن، وهو ضمير القصة، و «ذان» مبتدأ، و «لساحران» خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محل رفع خبر إن - وأقول: يعترض على هذا التخريج باعتراضين: الأول: أن هذا التخريج كان يقتضي أن يكتب في المصحف «إنها ذان لساحران» فأما وقد كتبت {إِنْ هذانِ لَساحِرانِ} فإنه يلزم اعتبار «ها» جزءا من «هذان» ويكون حرف تنبيه، والاعتراض الثاني: أن دخول اللام على خبر المبتدأ ضعيف فلا يجوز تخريج القرآن عليه، ويمكن أن يجاب عن الأول بأن خط المصحف ليس جاريا على قياس الكتابة العربية المصطلح عليها، ولهذا لا يجوز أن يقاس عليه، وعن =