الخامس: جمع المذكر السالم
  كِلاهُما}(١) [الإسراء، ٢٣] فـ (أحدهما) فاعل، و (كلاهما) معطوف عليه، والألف علامة لرفعه؛ لأنه مضاف إلى الضمير، ويقرأ (إمّا يبلغان) بالألف؛ فالألف فاعل، و (أحدهما) فاعل بفعل محذوف، وتقديره: إن يبلغه أحدهما أو كلاهما، وفائدة إعادة ذلك التوكيد، وقيل: إن (أحدهما) بدل من الألف، أو فاعل (يبلغان) على أن الألف علامة، وليسا بشيء(٢)، فتأمل ذلك.
  فإن أضيفا إلى الظاهر كانا بالألف على كل حال، وكان إعرابهما حينئذ بحركات مقدّرة في تلك الألف، قال الله تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها}[الكهف، ٣٣] أي: كل واحدة من الجنتين أعطت ثمرتها ولم تنقص منه شيئا، ف (كلتا) مبتدأ، و {آتَتْ أُكُلَها} فعل ماض، والتاء علامة التأنيث، وفاعله مستتر، ومفعول ومضاف إليه، والجملة خبر، وعلامة الرفع في (كلتا) ضمة مقدرة على الألف؛ فإنه مضاف للظاهر.
  ثم قلت: الخامس جمع المذكّر السّالم، كالزّيدون والمسلمون؛ فإنه يرفع بالواو، ويجرّ وينصب بالياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها.
  وأقول: الباب الخامس مما خرج عن الأصل: جمع المذكر السالم، واحترزت بالمذكر عن المؤنث كهندات وزينبات، وبالسالم عن المكسّر كغلمان وزيود(٣).
  وحكم هذا الجمع أنه يرفع بالواو نيابة عن الضمة، ويجر وينصب بالياء المكسور
(١) أما أن جعل «أحدهما» بدلا ليس بشيء؛ فلأنه يضعف المعنى، وبيان ذلك أن البدل - كما هو معروف - هو الذي يكون مقصودا بالحكم، فلو جعلناه بدلا لأفاد أن المقصود هو بلوغ أحدهما الكبر، مع أن المقصود التوكيد والتعميم، وهذا المعنى إنما يدل عليه جعل «أحدهما» فاعلا بفعل محذوف يدل عليه الفعل المذكور.
(٢) وأما أن جعله فاعلا، مع وجود الألف وجعل الألف حرفا دالا على التثنية ليس بشيء أيضا؛ فمن جهتين؛ الأولى: أن لغة الجمهور من العرب لا تبيح ذلك، لأنها تجرد الفعل من علامتي التثنية والجمع، والجهة الثانية: أن لغة «أكلوني البراغيث» الضعيفة إنما تجيز لحاق علامة التثنية والجمع للفعل إذا كان فاعله مثنى أو مفردين عطف ثانيهما على الأول بالواو، على خلاف في الأخير، وما هنا ليس واحدا من هذين.
(٣) يسمى هذا النوع بعدة أسماء، أولها «جمع المذكر السالم» والثاني «جمع السلامة لمذكر» والثالث «الجمع على حد المثنى» والمراد بحد المثنى طريقته، وطريقته هي أنه يعرب بحرف من حروف العلة - وهذا الحرف في المثنى هو الألف في حالة الرفع، والياء في حالة النصب والجر - وأنه يلحق به بعد حرف الإعراب نون، وأن هذه النون تحذف عند الإضافة، وإنما قيل «جمع المذكر» لأن المؤنث لا يجمع هذا الجمع، سواء أكان مؤنثا في اللفظ =