(3) الإطناب
  مختلفة: فطريقه في المثال الأول ذكر الخاص بعد العام، فقد خصّ اللّه سبحانه وتعالى الروح بالذّكر وهو جبريل مع أنه داخل في عموم الملائكة تكريما له وتعظيما لشأنه كأنه جنس آخر، ففائدة الزيادة هنا التنويه بشأن الخاص.
  وطريقه في المثال الثاني ذكر العام بعد الخاص، فقد ذكر اللّه سبحانه المؤمنين والمؤمنات وهما لفظان عامان يدخل في عمومهما من ذكر قبل ذلك، والغرض من هذه الزيادة إفادة الشمول مع العناية بالخاص لذكره مرتين، مرة وحده، ومرة مندرجا تحت العام.
  وطريقه في المثال الثالث الإيضاح بعد الإبهام فإن قوله تعالى: {أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} إيضاح للإبهام الذي تضمنه لفظ «الأمر» وذلك لزيادة تقرير المعنى في ذهن السامع بذكره مرتين، مرة على طريق الإجمال والإبهام، ومرة على طريق الإيضاح والتفصيل.
  وطريقه في بيتي عنترة التكرار لتقرير المعنى في نفس السامع وتثبيته، ويظهر هذا الغرض في الخطابة، وفي موطن الفخر والمدح والإرشاد والإنذار، وقد يكون التكرار لدواع أخرى، منها التحسر كما في قول الحسين بن مطير(١) يرثى معن بن رائدة:
  فيا قبر معن أنت أوّل حفرة ... من الأرض خطّت للسّماحة موضعا(٢)
  ويا قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البرّ والبحر مترعا
  ومنها طول الفصل كما في قول الشاعر:
  لقد علم الحىّ اليمانون أنني ... إذا قلت أمّا بعد أنّى خطيبها(٣)
(١) شاعر عاش في الدولتين الأموية والعباسية، وله مدائح في رجالهما، وكان من أحسن أهل البادية زيا وكلاما، توفى سنة ١٦٩ هـ بعد معن زائدة وله رثاء فيه.
(٢) خطت للسماحة موضعا: أي اتخذت لتكون موضعا للكرم والجود.
(٣) اليمانون: المنسوبون إلى اليمن.