البلاغة الواضحة،

علي الجارم (المتوفى: 1368 هـ)

(1) التورية

صفحة 277 - الجزء 1

البحث:

  كلمة «حبيب» في المثال الأول لها معنيان: أحدهما المحبوب وهو المعنى القريب الذي يتبادر إلى الذهن بسبب التمهيد له بكلمة «بغيض».

  والثاني اسم أبى تمام الشاعر وهو حبيب بن أوس، وهذا المعنى بعيد، وقد أراده الشاعر ولكنه تلطف فورّى عنه وستره بالمعنى القريب. وكلمة «رقيق» في المثال الثاني لها معنيان: الأول قريب متبادر وهو العبد المملوك وسبب تبادره إلى الذهن ما سبقه من كلمة «حرّ». والثاني بعيد وهو اللطيف السهل. وهذا هو الذي يريده الشاعر بعد أن ستره في ظل المعنى القريب. وكلمة «القصف» في المثال الثالث معناها القريب الكسر، بدليل تمهيده لهذا المعنى بقوله: «فإن غصون الزهر» ومعناها البعيد اللعب واللهو، وهذا هو المعنى الذي قصد إليه الشاعر بعد أن احتال في إخفائه ويسمى هذا النوع من البديع تورية، وهو فنّ برع فيه شعراء مصر والشام في القرن السابع والثامن من الهجرة، وأتوا فيه بالعجيب الرائع الذي يدل على صفاء الطبع والقدرة على اللعب بأساليب الكلام.

القاعدة:

  (٧١) التّورية أن يذكر المتكلّم لفظا مفردا له معنيا، قريب ظاهر غير مراد، وبعيد خفىّ هو المراد.

تمرينات

  (١)

  اشرح التورية في كلّ مثال من الأمثلة شرحا وافيا:

  (١) قال سراج الدين الورّاق:

  كم قطع الجنود من لسان ... قلّد من نظمه النحورا

  فها أنا شاعر سراج ... فاقطع لساني أزدك نورا⁣(⁣١)


(١) قطع لسان الشاعر: أسكته بعطاياه عن هجائه، ولسان السراج: فتيله.