البلاغة الواضحة،

علي الجارم (المتوفى: 1368 هـ)

(3) تشبيه التمثيل

صفحة 38 - الجزء 1

  (٥) وقال تعالى: {إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها}⁣(⁣١) {أَتاها أَمْرُنا}⁣(⁣٢) {لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً}⁣(⁣٣) {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}⁣(⁣٤).

  (٦) وقال صاحب كليلة ودمنة:

  يبقى الصّالح من الرجال صالحا حتى يصاحب فاسدا فإذا صاحبه فسد، مثل مياه الأنهار تكون عذبة حتى تخالط ماء البحر فإذا خالطته ملحت. وقال: من صنع معروفا لعاجل الجزاء فهو كملقى الحب للطير لا لينفعها بل ليصيدها به.

  (٧) وقال البحتري:

  وجدت نفسك من نفسي بمنزلة ... هي المصافاة بين الماء والرّاح⁣(⁣٥)

  (٨) وقال أبو تمّام في مغنّية تغنّى بالفارسية:

  ولم أفهم معانيها ولكن ... ورت كبدي فلم أجهل شجاها⁣(⁣٦)

  فبتّ كأنّنى أعمى معنّى ... يحبّ الغانيات ولا يراها⁣(⁣٧)

  (٩) وقال في صديق عاق:

  إنّى وإيّاك كالصادى رأى نهلا ... ودونه هوّة يخشى بها التّلفا⁣(⁣٨)

  رأى بعينيه ماء عزّ مورده ... وليس يملك دون الماء منصرفا


(١) متمكنون من تثميرها.

(٢) أتاها أمرنا: أي أصبناها بآفة تهلك زرعها.

(٣) الحصيد: ما يحصد من الزرع، والمراد جعل زرعها يابسا جافا.

(٤) كأن لم تغن بالأمس: أي كأن لم يكن بها زرع.

(٥) الراح: الخمر.

(٦) ورت كبدي: ألهبته، والشجا مصدر شجى يشجى أي حزن، والمعنى لم أجهل ما بعثته في نفسي من الحزن.

(٧) المعنى: المتعب الحزين.

(٨) الصادي: الظمآن، والمراد بالنهل هنا مورد الماء، والهوة: ما انهبط من الأرض ...