الروضة الندية في حقيقة الزيدية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الفصل الأول: (التوحيد)

صفحة 31 - الجزء 1

  فلم يخص في النفي بذلك شيئاً دون شيء بل عمّ الأشياء كلها ما كان منها وما يكون، فلا شبيه له ولا عديل، ولا مثيل ولا نظير، الضياء ولا الأنوار، ولا الظلمات ولا النار، ولا غيرها مما يطلق عليها اسم شيء.

  ولم يزل علماءُ المسلمين قديماً وحديثاً يحتجون بهذه الآية في نفي كونه تعالى جسماً مركباً من الأعضاء والأجزاء، أو حالَّاً في المكان والجهة، وأنه لو كان جسماً لكان مماثلاً لسائر الأجسام، فيلزم حصول الأمثال والأشباه له، وذلك باطل بصريح قوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١].

  إذا تقرر ذلك فنقول للمشبهة الذين يثبتون لله تعالى الأيدي والأعضاء على ما قدمنا عنهم، هل ذلك تشبيه لله بخلقه أم تقديس لله وتنزيه؟

  فإن قالوا: تشبيه، واعترفوا بذلك.

  قلنا: الإعتراف بالحق فضيلة، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.

  وإن قالوا: بل تقديس وتنزيه.

  قلنا: فما هو التشبيه إذاً يا من لا يعقل الخطاب، ولا يفهم نصوص الكتاب.

  فإن قالوا: نحن نثبت له الأعضاء بلا تكييف ولا تمثيل.

  قلنا: تلك دعوى فروا بها من الرمضاء واستجاروا بالنار، يزيفون بها الحقائق على العوام وضعاف العقول، ولا تجدي عند أهل العقول والحلوم.

  فإن قالوا: نثبت له ما يليق بجلاله، فنقول يد تليق بجلاله، وغيرها.