الفصل السادس: في الإمامة
الفصل السادس: في الإمامة
  اعلم أن باب الإمامة من أهم وأكبر وأعظم أصول الزيدية، وهو من الأصول التي امتازت به الزيدية عن كثير من الفرق، فهو يعد حلقة وصل، أو آلة فصل بينها وبين غيرها من الفرق، فإن الزيدية توافقها كثير من الفرق في كثير مما قدمنا من الأصول، فإذا وصل الكلام إلى باب الإمامة أقدم وأحجم، وناظر وبرطم، ولوى عنقه وتجهم.
  وكثير من الناس في هذه الأزمنة يقول بالعدل والتوحيد والوعد والوعيد وإذا وصل إلى الإمامة قال بغير أقوال الزيدية فيها، وعد أمرها هيناً بسيطاً بالنسبة إلى غيرها، ويدعي مع ذلك أنه من الزيدية وإليها، ولكنه بعيد منها ولا ينتسب إليها.
  وسنبين أقوال الزيدية في هذا الأصل ليكون الأمر فيها واضحاً، والكلام فيها بيناً، وسنبني الكلام فيها على مسائل:
المسألة الأولى: وجوب الإمامة
  لا خلاف بين الزيدية في أن الإمامة واجبة، وإن اختلفوا هل وجبت عقلاً وشرعاً، أم شرعاً فقط، والدليل على وجوبها عند من يوجبها عقلاً:
  أولاً: أن دفع الضرر عن النفس واجب، والإمامة تدفع الضرر عن النفس، بيان ذلك:
  أن الناس مع كثرتهم، واختلاف هممهم، وقوة دواعيهم إلى العدوان، وميل أنفسهم إلى الظلم، لا يكادون ينزجرون، ويكف بعضهم شره عن البعض إلا إذا كان هناك رئيس له قوة وسطوة وأعوان، فيمنعهم خوفه عن التوثب والعدوان.