بيان مذهب الزيدية في مسائل خاصة هامة
المسألة الثالثة: في الصحابة
  وهذه المسألة قد كثر فيها الكلام، واشتد الخصام، وكثر فيها وبسببها الشقاق والخلاف، وقل فيها الإتفاق والإئتلاف، وهي قديمة النزاع والشجار، وقد استغلها كثير من أهل الولايات والعداوات لتحقيق مآربهم في مختلف الأعصار، وعمت بليته جميع الأمصار، واضطربت حول تحقيقها الأفكار، وأُطلقت بسببها مستهجنات الألقاب، ورمى كل فريق خصمه ومن خالفه فيها بما تقشعر له الأبدان ولا تستسيغه الألباب، وليس فيه أثرة من سنة ولا من كتاب.
  فالصحابة لهم مقام كريم، وشرف جسيم، بصحبتهم للنبي ÷، وإيمانهم وتصديقهم، ومجالستهم للرسول الكريم ÷، وجهادهم بين يديه، ومشاهدتهم لطلعته الطاهرة، وأفعاله الظاهرة، وسماعهم لأقواله الباهرة.
  فالصحابي عند الزيدية: هو من طالت مجالسته للنبي ÷، متبعاً له.
  فليس كل من رأى النبي ÷ صحابياً، بل من طالت منه المجالسة.
  فمن ثبتت صحبته الشرعية للنبي ÷، فهو ثقة عدل، نحبه ونتولاه ونترضى عنه، ونترحم عليه، وندعو له.
  والصحبة عند الزيدية ليست عاصمة لصاحبها من ارتكاب المعاصي، بل حال الصحابة كحال سائر الناس، فيهم الصالح والطالح، وفيهم من ارتد على عقبيه وغير ذلك.