الروضة الندية في حقيقة الزيدية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الفصل الثالث: في بيان فرق الفقه عند الزيدية

صفحة 107 - الجزء 1

الفصل الثالث: في بيان فرق الفقه عند الزيدية

  اعلم وفقنا الله وإياك: أن الزيدية تفتح باب الإجتهاد لمن وفى الإجتهاد حقه، ولا تحرم الإجتهاد على أحد ممن جمع شروطه، بل المجتهد عند الزيدية يحرم عليه التقليد في ما يمكنه فيه الإجتهاد، وتوجب عليه العمل باجتهاده وما أداه إليه نظره في المسألة، وعند الزيدية أن المسائل الفروعية بابها رحيب، وكل مجتهد فيها مصيب.

  والزيدية تحترم أنظار المجتهدين، فللناظر نظره، ولا توجب التقليد لطائفة أو فئة معينة، ولهذا كثرت أقوال المجتهدين في المسائل الفروعية عند الزيدية، واشتهرت في الزيدية مدارس فقهية لمجتهدين عظماء من رجالها، وأئمة كبار من أئمتها، وكثر أتباعهم ومقلديهم، واعتنى أهل كل مدرسة بأقوال من تقلده وتتبعه، فعملت على شرح كلامه وألفاظه، وتخريج المسائل التي ليس له فيها نص على المسائل التي نص فيها على ما يماثلها أو يعمها، وذكر الأدلة التي استدل بها وتقويتها.

  والزيدية هي الفرقة الوحيدة التي تجد لها فرقاً في المسائل الفقهية، مع اتحادهم واجتماعهم جميعاً في المسائل الأصولية، بخلاف الفرق الأخرى فإن الفرقة التي تنتسب في الفقه إلى أبي حنيفة مثلاً، أو الشافعي، أو المالكي، تجد أنهم وإن اتفقوا في الفروع لكنهم مختلفون في الأصول، فترى في رجال الحنفية والشافعية والمالكية، الأشعري والمعتزلي والصوفي والمجبري والقدري وغيرهم، ولكن الزيدية وإن اختلفوا في الفروع فالزيدي والقاسمي والهادوي والناصري كلهم متفقون في الأصول والمبادئ.

  فهذه ميزة خاصة امتازت بها الزيدية من بين الفرق الإسلامية.