[الدليل الثاني: السنة]
  «أجزتُ لك أن ترويَ عنِّي ما صَحَّ من مسموعاتي» أو «مؤلفاتي(١)». فأما لو قال: «أجزتُ لك» ولم يقل: «قد سمعته» جاز له العمل(٢) بما فيه، دون الرواية(٣). ويقول عند الرواية: «أجازَ لي» أو «أخبرني إجازةً» أو «إِذنًا» أو «أنبأني».
  فهذه هي الطرق المشهورة(٤).
  وقد تزاد الوجادة، وهي ما يؤخذ من العلم من كتاب من غير سماعٍ ولا إجازةٍ ولا مناولةٍ، فهذه يجوز العمل بها إذا حصلت الثقة بذلك.
  وأما الرواية: فقيل: لا تجوز. وقيل: تجوز، ويقول عندها: «وجدت» أو «قرأت بخطِّ فلان» أو «بخطٍّ ظننته خطَّ فلان» أو «أخبرني ثقة أنه خطُّ فلان(٥)». وهذا قريب.
(١) أو مستجازاتي. ح. حا.
(٢) لأن الإجازة قرينة ظاهرة على صحة الخبر عند المخبر، وهو عدل، وذلك يجري مجرى الرواية، فصح العمل به، وإن لم تصح الرواية. منهاج.
(٣) ولا يستبعد الفرق؛ فإن شرط العمل الظن الصادر عن أمارة لم يرد الشرع بالمنع عن العمل بها، ولا عارضها أرجح منها ولا مثلها، على خلاف في المماثلة لها، وشرط الرواية عدم تعمد الكذب لا سوى. قسطاس.
(٤) واعلم أن الإمام المهدي # قد ذكر في الأخذ من الكتب الدينية كلامًا جيدًا، وحاصله: أنه يجوز الأخذ بما صنفه العالم وإن لم تحصل تلك الطرق؛ لأنه لا يعمل ذلك الكتاب ويضعه إلا وقد أراد الأخذ بما فيه والعمل، بل لا مراد له سواه، فيجوز أن يرويه مذهبا له، وأن يقول: «قال في كتابه الفلاني»، ولا يقول: «حدثنا» ونحوه، لكن بشرط ألَّا يكون غير المصنف قد ضبط ألفاظه ضبطًا يخرج به عن مراده، وذلك لا يخفى على الفحل النقاد؛ إذ يحصل التردد عند ذلك، فلا يرويه حينئذٍ إلا بما يدل على الاحتمال ويشعر به، هذا في النقليات، وأما العقليات فإنما يعمل بذلك الكتاب حيث طابق ما فيه ما وقع في نظره، فحينئذ] يكون عملا بعلمه، لا لو لم يوافق لم يعمل به؛ إذ لا يجوز التقليد فيها. ح. حا.
(٥) ويسوق الإسناد والمتن، وقد اشتهر عليه العمل قديمًا وحديثًا، وهو من باب المنقطع والمرسل، غير أنه أخذ شوبًا من الاتصال بقوله: «وجدت بخط فلان». شرح غاية.
(*) ولا يقول: «حدثنا»، أو «أخبرنا»، هذا حكم الرواية بها.
(*) وإن لم تكن الرواية متصلة، كأن يقول: «وجدت بخط فلان الثقة المعروف، أنه وجد بخط فلان ..»، ثم كذلك حتى يتصل إلى صاحب الخط الأول. وقد اختار العمل بالوجادة أئمة المذهب، كالإمام أحمد بن سليمان، والمنصور بالله وادعى إجماع الصحابة عليه، والإمام يحيى بن حمزة، والإمام =