الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[التناقض]

صفحة 126 - الجزء 1

  الأخرى بواسطة: «أن كل إنسان⁣(⁣١) ناطق⁣(⁣٢)»، فافهم.

  واعلم أنه لا بد في تحقق التناقض بين القضيتين من اتحاد واختلاف.

  فالاختلاف: يكون في الكَمِّ - أي: الكلية والجزئية⁣(⁣٣) - والكيف - أي: الإيجاب والسلب - والجهة، أي: الضرورة والإمكان⁣(⁣٤) والدوام والإطلاق⁣(⁣٥)، وغيرها من الجهات. فإن كانت القضية: موجَبَةً كلية ضرورية - مثلا - فنقيضها سالبةٌ جزئية ممكنة عامة. مثلا: قولنا: «كل إنسان حيوان بالضرورة» نقضيها «بعض الإنسان ليس بحيوان بالإمكان⁣(⁣٦) العام»، ونحو ذلك⁣(⁣٧).

  وأما الاتحاد: ففيما عدا هذه الأمور⁣(⁣٨) الثلاثة.


(١) عبارة القاضي زكريا في المطلع: بواسطة أن الأولى في قوة «زيدٌ ناطق»، أو أن الثانية في قوة «زيد ليس بإنسان»، وهي أولى من عبارة الكتاب؛ إذ لا يلزم بحسب اللفظ من كون كل ناطق إنسانًا أن يكون كل إنسان ناطقًا، ولا يلزم بحسب اللفظ من نفي النطقية نفيَ الإنسانية؛ إذ لا يلزم من نفي الأخصِّ نفيُ الأعمِّ، فلا يظهر التناقض.

(٢) لأن النطق لازم للإنسان. من حواشي ح حا.

(٣) وهذا في المحصورتين.

(*) لجواز كذب الكليتين وصدق الجزئيتين في مادة يكون الموضوع فيها أعم من المحمول، كقولنا: «كل حيوان إنسان، ولا شيء من الحيوان بإنسان»، فإنهما كاذبتان، وقولنا: «بعض الحيوان إنسان، بعض الحيوان ليس بإنسان»، فإنهما صادقتان. قطب.

(٤) فالإمكان العام في مقابلة الضرورة، والإطلاق العام في مقابلة الدوام.

(٥) المطلقة العامة: هي التي حُكم فيها بكون النسبة محققة بالفعل، أي: في أحد الأزمنة الثلاثة، وتسميتها بالمطلقة لأن هذا هو المفهوم من القضية عند إطلاقها وعدم تقييدها بضرورة أو دوام أو غير ذلك من الجهات، وبالعامة لكونها أعم من الوجودية اللادائمة واللاضرورية. يزدي.

(٦) الإمكان العام: هو سلب الضرورة عن جانبي الوجود والعدم، بمعنى: أن الوجود ليس بضروري، والعدم ليس بضروري أيضًا. منقولة.

(٧) مثلا: إذا كانت القضية موجبة كلية دائمة، فنقيضها سالبة جزئية مطلقة عامة، فنقيض: «كل إنسان حيوان بالدوام»: «بعض الإنسان ليس بحيوان بالإطلاق العام».

(٨) وهي التي يعبر عنها بالوحدات الثمان التي لا بد من اتحاد القضيتين فيها، وقد جمعها بعضهم في قوله:

إذا رُمتَ وحدات التناقض يا فتى ... فهاك ثمانًا: وحدة الوضع، والحمل

زمان، مكان، ثم شرط، إضافة ... كذا قوة، والفعل، والجزء، والكل

فإذا اختلفت القضية في شيء من هذه الثمان لم يتحقق التناقض لزومًا. وقد زِيدَ: وحدة الآلة، والحال، والغرض، وغير ذلك، والتحقيق اعتبار وحدة النسبة الحكمية.