[الدليل الثالث: الإجماع]
  فتساهل الفساق فلم يمتنعوا، فاستصلحوا زيادة أربعين، وأجمعوا على ذلك، وهو عن اجتهاد.
  (و) اختار المصنف (أنه لا يصح(١) أن يكون مستنده(٢) قياسا) وهو ما ثبت له أصل(٣)، (أو اجتهادا) وهو ما لا أصل(٤) له يقاس عليه. وظاهر كلامه أنه سواء كان الاجتهاد(٥) والقياس(٦) جليًّا أم خفيًّا(٧). وعند الأكثر من الأصوليين، واختاره الإمام المهدي - وهو الأولى - أنه يجوز أن يكونا مستنده؛ إذ هما حجة كالخبر الذي يثمر الظن، وأيضًا لم يفصل الدليل على كونه(٨) حجة بين المجتهد الواحد والأمة في صحة الاحتجاج به، فلا وجه لإنكار ذلك في الأمة، وأيضًا قد وقع، كإجماع الصحابة على الزيادة في حد الشارب، كما قدمنا.
(١) وجد في كثير من النسخ «لا» محذوفة في هذا الموضع، فعلى هذا يكون اختيار المصنف هو اختيار الجمهور. مؤلف. وهي التي شرح عليها الطبري وابن حابس.
(٢) وقال ابن جرير والظاهرية: لا يجوز وقوعه عنهما؛ بل لا يقع إلا عن غيرهما. وبعضهم أثبت الجواز، ومنع الوقوع. وقال بعض الشافعية: يجوز أن يكون جليًّأ.
(٣) كتحريم شحم الخنزير قياسًا على لحمه.
(٤) في الفواصل: والمراد بالاجتهاد أن يكون السند صادرًا عن دلالات النصوص التي لا تثبت إلا بالاجتهاد، كالمفاهيم وغيرها. وقيل: المراد بالقياس: ما له أصل معين، وبالاجتهاد: ما لا أصل له.
(*) كقيم المتلفات، وأروش الجنايات.
(٥) في المخطوط: «كان القياس أو الاجتهاد».
(٦) الظاهر أن قوله: «سواء كان جليا أم خفيا» عائد إلى القياس؛ لأنه لم يعهد وصف الاجتهاد بالجلاء والخفاء.
(*) كقياس العبد على الأمة.
(٧) الجلي: ما قطع فيه بنفي الفارق. والخفي: بالعكس، كقياس النبيذ على الخمر؛ إذ لا يمتنع أن تكون خصوصية الخمر معتبرة.
(٨) أي: القياس أو الاجتهاد، يعني: أنهم قد أجمعوا على أن الواحد إذا اجتهد كان حجة عليه، ولا يجوز له المخالفة؛ والدليل لم يفرق بينه وبين الأمة.
(*) ولفظ القسطاس مع المعيار: لم يفصل الدليل الدال على أن الاجتهاد حجة.