[شروط العلة]
  في الاستدلال على وجوب القصاص في القتل بالمثقل بالقياس على القتل بالمحدد: قتل عمد عدوان، فإن لكل واحد من هذه الأوصاف تأثيراً في اقتضاء الحكم، وهو وجوب القصاص. وإن لم يكن كذلك(١) لم يصح التعليل به، ولو كان تركه مما يؤرث النقض للعلة(٢).
  مثال ذلك: أن يقال في ضمان التالف من النورة بمثله مثلا: مثليٌّ ليس بلبن المصراة، فيضمن بمثله، ويجعل قوله: «ليس بلبن المصرة» جزءًا من العلة، وهو ليس بباعث على الحكم، ولا أمارة عليه، ولو أسقط لانتقض القياس بلبن المصراة، فمثل ذلك لا يصح أن يكون علة.
  (وَ) الشرط الثالث: أن توافق العلةُ الحكمَ و (لاَ تُخَالِفَهُ فِي التَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ) لعدم المماثلة له.
  مثال ذلك: أن يقول القائس في التيمم: مسحٌ يراد به الصلاة؛ فيسنُّ فيه التكرار كالوضوء(٣)، فيُعترض بأن العلةَ - وهي كونه مسحًا - تخفيفٌ، والحكم الموجَب عنها - وهو التكرار - تغليظٌ، فلا ملاءمة بين العلة وبين حكمها، فلا تكون باعثة عليه، ولا أمارة له(٤)، فلا يصح.
  أو يعلل كون التكرار في الغسل غير مسنون بكونه غسلا، فإن العلة - وهي كونه غسلا - تغليظ، والحكم الموجَب عنها - وهو عدم التكرار - تخفيف، فلا
= تكميلها، أو دفع مفسدة أو تقليلها، كالإسكار في حرمة الخمر فإنها مشتملة على حفظ العقل، وهو مقصود للشارع، فلو كانت مجرد أمارة لم يكن لها فائدة إلا تعريف الحكم.
(١) أي: لا باعثًا ولا أمارة.
(*) مثال مخالفة الإجماع: أن يقال: مسافر فلا تجب عليه الصلاة قياسًا على صومه، فيقال: هذه العلة أثبتت في الفرع حكما مخالفا للإجماع على وجوب الصلاة في السفر. شرح غاية.
(٢) ومثال عدم الانتقاض: ما سيأتي في الاعتراض الثامن في قوله: «أو عدم تأثير قيد منه».
(٣) الأولى أن يقال: كمسح الرأس؛ لأن العلةَ - على ما ذكره - مسح يراد به الصلاة، ولا خفاء أنه لا يصح القياس على جملة الوضوء بهذه العلة، والله أعلم. منقولة.
(٤) الفرق بين الباعث والأمارة أن الباعث وصف ضابط لحكمة مقصودة من شرع الحكم، والأمارة لا تكون كذلك، بل تكون معرِّفة للحكم. أصفهاني.