[الدليل الرابع: القياس]
  ينتفي الوصف ولا ينتفي الحكم، لوجود الوصف الآخر وقيامه مقامه؛ لاستقلاله في اقتضاء الحكم. وهذا هو المختار؛ لوقوع ذلك(١)، والوقوع دليل الجواز؛ إذ لو لم يَجُز لم يقع.
  وبيان وقوعه: أن اللمس والبول والغائط والمذي علة للحدث الأصغر، وهي مختلفة الحقائق، ويستقل كل واحد منها باقتضاء الحكم.
  وكذلك القتل لأجل الردة والقتل والزنا إذا كان محصنًا(٢)، فإذا تخلف أحد هذه الأوصاف لم يتخلف الحكم؛ لوجود وصف آخر مقتض له، فافهم ذلك. والله أعلم.
  فهذه الشروط الستة جملة ما لا بد من اعتباره في العلة على المختار. وقد زِيد عليها غيرها، ولكنها عندنا ليست بشروط، فلا نشتغل بذكرها. وموضعها البسائط، والله أعلم.
  (وَ) أعلم أن للعلة أحكامًا، منها: أنها (تَصِحُ أَنْ تَكُونَ نَفْيًا) ولو كان الحكم ثبوتيًّا، (وَأَنْ تَكوُنَ إِثْبَاتًا) ولو كان الحكم عدميًّا، ولذلك أربع صور:
  الأولى: أن تكون العلة ثبوتية والحكم الثابت عنها ثبوتيًّا، كتعليل تحريم الخمر بكونه مسكرًا.
  الثانية: أن يكونا عدميين معًا، كتعليل عدم نفاذ التصرف من الصبي والمجنون بعدم العقل.
  الثالثة: أن تكون العلة وجودية والحكم الثابت عنها عدميًّا، كتعليل عدم نفاذ التصرف من المسرف بالإسراف.
(١) ولأن العلة إنما هي أمارة أو باعثة، ولا مانع من قيام أمارتين أو باعثين على شيء واحد، كما لا يمنع دليلان يدلان على مدلول واحد. ح معيار للسيد داود.
(*) أي: ثبوت الحكم مع انتفاء الوصف.
(٢) وأجاب المانعُ: بأن القتل ردةً غير القتل قصاصًا، وهكذا. ورد بأن التعدد الإضافي لا يوجب التعدد الذاتي.