الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الاعتراض الحادي والعشرون]

صفحة 234 - الجزء 1

  علل بها المستدل علة أخرى غير التي علل بها؛ ليبطل القياس، ويحصل الفرق بين الأصل المقيس عليه والفرع المقيس.

  مثاله: قول الحنفي في الاستدلال على أن مسح الرأس لا يُسن فيه التكرار بالقياس على مسح الخف: مسحٌ فلا يُسن فيه التكرار، كالمسح على الخف.

  فيقول المعترض: إن العلة في سقوط التكرار في المسح على الخف كونه بدلا عن تغليظ - وهو غسل القدمين - بتخفيف، والتغشي ليس كذلك. فاستخرج علة للأصل تعليق الحكم عليها أولى؛ لأنه أبدى خصوصية في الأصل هي شرط⁣(⁣١)، فكأنه يدعي علية الوصف في الأصل مع خصوصية لا توجد في الفرع⁣(⁣٢).

  والمستدل يدعي علية الوصف من دون خصوصية، فيعود حينئذ إلى المعارضة في الأصل. وإن أبدى خصوصية في الفرع⁣(⁣٣) لا توجد في الأصل كانت المعارضة في الفرع، وحينئذ جواب الفرق هو جوابهما، فتأمل! والله أعلم.

[الاعتراض الحادي والعشرون]

  الاعتراض الحادي والعشرون: اختلاف الضابط في الأصل والفرع، وهو الوصف المشتمل على الحكمة المقصودة.


(١) وله أن لا يتعرض لعدمها في الفرع فيكون معارضة في الأصل؛ لأن المستدل ادعى عليه الوصف المشترك، والمعترض عليته مع خصوصية لا توجد في الفرع، وهو ظاهر. ح حا.

(٢) مثاله أن يقول الشافعي: النية في الوضوء واجبة كالتيمم بجامع الطهارة، فيعترض الحنفي: بأن العلة في الأصل الطهارة بالتراب. من حاشية ح حابس.

(٣) مثاله أن يقول الحنفي: يقتل المسلم بالذمي كغير المسلم بجامع القتل العمد العدوان، فيعترض الشافعي: بأن الإسلام في الفرع مانع من القَوَد.

(*) وله أن لا يعترض لعدمها في الأصل فتكون معارضة في الفرع. حا. وتحقيق ذلك: أن المانع عن الشيء في قوة المقتضي لنقيضه، فيكون المانع في الفرع وصفًا يقتضي نقيض الحكم الذي أثبته المستدل، ويستند إلى أصل لا محالة، وهذا هو معنى المعارضة في الفرع. وعلى قول لا بد من التعرض لعدم الشرط في الفرع، وعدم المانع في الأصل، فيكون في إبداء كل من الخصوصيتين مجموع المعارضتين: أما الأول فلأن إبداء الخصوصية التي هي شرط في الأصل معارضة في الأصل، وبيان انتفائها في الفرع معارضة فيه. وأما الثاني فلأن بيان وجود مانع في الفرع معارضة فيه، وبيان انتفائه في الأصل إشعار بأن العلة هي ذلك الوصف مع عدم المانع لا الوصف نفسه، وهذا معارضة في الأصل حيث أبدى علة أخرى لا توجد في الفرع. قسطاس.