الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الاعتراض الحادي والعشرون]

صفحة 235 - الجزء 1

  مثاله: أن يقول المستدل في الاستدلال على وجوب القصاص على شهود الزور بالقتل إذا قُتل المشهودُ عليه بسبب شهادتهم، بالقياس على المكرِه⁣(⁣١): تسببوا للقتل بالشهادة، فيجب عليهم القصاص كالمكرِه.

  فيقول المعترض: إن الضابط في الأصل والفرع مختلف⁣(⁣٢)؛ إذ هو في الأصل الإكراه، وفي الفرع الشهادة؛ فلا يتحقق التساوي⁣(⁣٣).

  وجوابه⁣(⁣٤) بوجهين:

  أحدهما: أن الضابط ليس هو الشهادة والإكراه، بل هو القدر المشترك، وهو التسبيب، فإنه أمر منضبط عرفا؛ فيصلح مظنة⁣(⁣٥).

  وثانيهما: بيان أن إفضاءه إلى الحكم في الفرع مثل إفضائه في الأصل أو أرجح منه، فتثبت التعدية، كما لو جعل الأصلَ المقيسَ عليه قتلُ الشهودِ المغريَ للحيوان، بأن يقول المستدل: تسببوا للقتل فيجب القصاص، كالمغري للحيوان على القتل.

  فيقول المعترض الضابط في الأصل إغراء الحيوان، وفي الفرع الشهادة.

  فيجيب المستدل: بأن إفضاء التسبيب بالشهادة إلى القتل أقوى من إفضاء التسبيب بالإغراء؛ فإن انبعاث أولياء المقتول على قتل من شهدوا عليه بأنه قتل


(١) لغيره بالقتل عند مَن يوجب القصاص عليه. جلال.

(٢) في الإفضاء إلى المقصود.

(٣) في المناط، إلا أن يراد قياس الشهادة على الإكراه فذلك قياس في الأسباب.

(٤) لا انه يجاب عن هذا السؤال بإلغاء التفاوت، فيقال في المثال المذكور: التفاوت ملغي في القصاص لمصلحة حفظ النفس، فإن المفضي إلى الموت كقطع الأنملة والأشد إفضاء كضرب الرقبة سيان في القصاص؛ لأنه لا يلزم من إلغاء فارق معين إلغاء كل فارق، فقد ألغي علم القاتل وذكورته وصحته وعقله، لا إسلامه وحريته، فيقتل العالم والذكر والصحيح والعاقل بمَن لم يكن كذلك، ولا يقتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر. شرح غاية.

(٥) وأما الحكمة وهو التسبيب في الأصل والفرع فمتفقة.

(*) فإن التعليل بالحكمة إنما يمتنع إذا لم يعلم أن قدرها في الفرع مثل قدرها في الأصل أو أرجح، أما إذا علم فلا يمتنع.