[الاعتراض الرابع والعشرون]
  في الاستدلال على أنه لا يكتفى بأقل من ربع الرأس في المسح بالقياس على سائر الأعضاء: عضوٌ من أعضاء الوضوء فلا يكفي فيه أقله، كسائر الأعضاء.
  فيقول الشافعي: فلا يقدر بالربع كسائر الأعضاء. فعلق المعترض على علة المستدل ما يبطل به مذهبه صريحا، ولا يلزم من هذا تصحيح مذهب الشافعي؛ إذ مذهبه أنه يكتفى بأقل، ولم يثبته القلب.
  والقسم الثالث: وهو القلب لإبطال مذهب الخصم التزاما. مثاله: أن يقول الحنفي في الاستدلال على صحة بيع الشيء الغائب بالقياس على النكاح: عقدُ معاوضة(١) فيصح مع الجهل بأحد العوضين، كالنكاح.
  فيقول الشافعي: فلا يشترط فيه خيار الرؤية كالنكاح.
  ووجهه(٢): أن من قال بصحة بيع المجهول قال بخيار الرؤية، فخيار الرؤية لازم للصحة، فقد علق الخصم على علة المستدل ما يبطل مذهبه بالالتزام؛ لأنه علق عليها إبطال اللازم - وهو خيار الرؤية وانتفاءه، وهو يلزم منه انتفاء الصحة(٣)؛ لأنه إذا انتفى اللازم انتفى الملزوم.
(١) لأن كلا من الثمن والمبيع عوض.
(٢) «ووجهه» - أي: ووجه قول الشافعي - أن من قال ... الخ.
(٣) وقد أجاب الحنفية عن هذا الاعتراض بأن خيار الرؤية حكم آخر اجتمع مع المصلحة على جهة الاتفاق؛ فلا يكون لازمًا؛ فلا يستلزم نفيه نفيها؛ لأن شرط الاستثنائي كون الشرطية فيه لزومية كما تقدم. قيل: هو - أي الحنفي - قائل بهما - أي: بصحة بيع غير المرئي وخيار الرؤية - فتلازما بالنظر إلى مذهبه، فبين بطلان أحدهما وثبوت الآخر منع الجمع، فاستثناء عين بطلان أحدهما يستلزم نقيض ثبوت الآخر، بأن يقال: لو صح بيع غير المرئي لصح خيار الرؤية؛ لكن لم يصح بيع غير المرئي فيلزم عدم صحة خيار الرؤية. قلنا: مسلم لو كانت عنادية، كيف ولو صح لصح الاستدلال من بطلان حكم قال به مجتهد على إبطال جميع أحكامه؟ وهو ظاهر البطلان. شرح غاية. قوله: «كيف ولو» أي: ما ذكرتم من أن المعترض إذا كان قائلا بهما كان بين بطلان أحدهما وثبوت الآخر منع الجمع قوله: لصح الاستدلال من بطلان حكيم، ووجه الملازمة في هذه الشرطية هو اتفاق الأحكام في كون المجتهد قائلا بها، كصحة بيع غير المرئي، وصحة خيار الرؤية في كون الحنفي قائلا بهما. شرح غاية مع زيادة حاشية سيلان.