[الاعتراض الخامس والعشرون]
  والصحيح(١) أن القلب بأقسامه راجع إلى المعارضة(٢)؛ لأنها دليل يثبت به خلاف حكم المستدل، والقلب كذلك؛ فيكون مقبولا كَهِيَ، بل هو أَولى بالقبول منها(٣)؛ لأن قصد هدم الدليل فيه بأدائه إلى التناقض أظهر منه فيها، ولأنه أيضا مانع للمستدل من الترجيح لدليله؛ لأن الترجيح إنما يُتصور بين دليلين، وهاهنا دليل مذهب المستدل ومذهب المعترض(٤) واحد، والله أعلم.
[الاعتراض الخامس والعشرون]
  الاعتراض الخامس والعشرون: القول بالموجب، وهو تسليم مدلول الدليل مع بقاء المنازعة، بأن يدعي المعترض أن المستدل نصب الدليل في غير محل النزاع(٥). وهذا الاعتراض لا يختص بالقياس، بل يجيء في كل دليل، وهو على ثلاثة أَضرُبٍ:
  الأول: أن يستنتج المستدل من الدليل ما يتوهم أنه محل النزاع أو ملازمه
(١) فالمستدل حين حاول في الضرب الأول إلحاق الاعتكاف بوقوف عرفة في عدم كونهما قربة بجامع كونهما لبثًا فقد أثبت حكمًا مماثلًا لحكم الأصل؛ لكن المعترض بيَّنَ مخالفتهما بأنَّ كون الاعتكاف ليس قربة بمجرده معناه أنه يشترط فيه الصوم، وكون الوقوف كذلك مقرون بأنه لا يشترط فيه الصوم فيتخالفان. وكذا في مسألة مسح الرأس قصد المستدل تماثل الحكمين؛ إذ حقيقتهما عدم الاكتفاء بالأقل، والمعترض بيَّنَ مخالفتهما بأن معناه في الفرع التقدير بالربع، وفي الأصل عدم التقدير به. وكذا في مسألة بيع الغائب قصده تماثل الحكمين؛ إذ حقيقتهما الصحة مع الجهل بأحد العوضين، وقصد المعترض بيان مخالفتهما بأنها في الفرع مقرونة بخيار الرؤية، لا في الأصل؛ والجامع في قياس المستدل والمعترض في جميع الصور الثلاث واحدٌ، فيكون مقلوبًا. قسطاس.
(٢) إلا أنه نوع من المعارضة مخصوص؛ فإن الأصل، والجامع فيه مشترك بين قياسي المستدل والمعترض. عضد.
(٣) أي: من المعارضة المحضة؛ لأنه أبعد من الانتقال. عضد.
(٤) في الفواصل ما لفظه: وأما ما في شرح العضد وقرره السعد وتبعهما ابن الإمام في شرح الغاية من أنه يمتنع الترجيح من جانب المستدل في القلب؛ لأنه إنما يتصور بين شيئين وهنا الدليل واحد - فسهو ظاهر؛ لأنه وإن كان الدليل واحدًا فقد تفرع عليه قياسان، كل منهما يقتضي نقيض الآخر، فيأتي الترجيح بين القياسين؛ كأن يكون قياس المستدل موافقًا للبراءة الأصلية أو للأصول المقررة، إلى غير ذلك من وجوه الترجيح بين القياسين المقتضية للمقام.
(٥) وهو ثبوت ذلك الحكم في الفرع.