[الاعتراض الخامس والعشرون]
  فيثبته(١)، وهو ليس كذلك(٢).
  مثاله: أن يقول الشافعي في الاستدلال على وجوب القصاص في القتل بالمثقل بالقياس على القتل بالخارق المحدد: قتلٌ بما مثله يقتل في العادة فلا ينافي وجوب القصاص، كالقتل بالحاد الخارق.
  فيقول المعترض: نحن نقول بموجب هذا الدليل، وهو عدم المنافاة، لكنه ليس محل النزاع(٣)، وهو وجوب القتل، وهو أيضا لا يقتضي محل النزاع؛ إذ لا يلزم من عدم منافاته للوجوب(٤) أن يجب.
  وجوابه: أن يبين المستدل أن اللازم من الدليل محل النزاع أو ملازمه، كما إذا قال المستدل: لا يجوز قتل المسلم بالذمي، قياسا على الحربي.
  فيقول المعترض: أنا أقول بأنه لا يجوز، لأنه ليس بجائز، بل واجب(٥).
  فيقول المستدل: المراد بقولي «لا يجوز» هو التحريم. وهو محل النزاع، لا ما زعمت، وإذا كان ذلك هو المراد لزم انتفاء قولك(٦)؛ لأن التحريم يستلزم عدم الوجوب.
  الضرب الثاني: أن يستنتج المستدل من الدليل إبطال أمر يتوهم أنه مأخذ الخصم ومبنى مذهبه، والخصم يمنع من كونه مأخذ مذهبه، فلا يلزم من إبطاله إبطال مذهبه.
  مثاله: أن يقول الشافعي(٧) في المثال المتقدم - وهو القتل بالمثقل - التفاوت في
(١) أي: يثبت ما يتوهم أنه محل النزاع أو ملازمه في القياس.
(٢) أي: ليس هو محل النزاع أو ملازمه.
(٣) وهو وجوب القتل أو عدمه.
(٤) أي: لا يستلزم عدمُ المنافاة للوجوب الوجوبَ الذي هو محل النزاع.
(٥) فهو يقول بعدم الجواز؛ ولكنه يوجبه وجوبا.
(*) فإن «لا يجوز» نفي الإباحة، وهو ليس نفي الوجوب ولا يستلزمه؛ لأن الإباحة أعم من الوجوب. فيجيب: بأن المعنى بعدم الجواز هو الحرمة، وهو يستلزم عدم الوجوب. قسطاس.
(٦) الذي زعمته بقولك: «بل واجب».
(٧) كذا في شرح الغاية، مثل قول الشافعي: «قتل بما مثله يقتل ..» الخ ثم استنتج منه التفاوت في الوسيلة.