[الاعتراضات]
  وجواب هذا الضرب: ببيان أنه أي: ما أستنتجه - مأخذ الخصم باشتهاره بين أهل النظر والنقل عن أئمة المذهب.
  الضرب الثالث: أن يسكت المستدل عن المقدمة الصغرى في القياس المنطقي، وهي الأُولى؛ لكونها مشهورة(١).
  مثاله: أن يقول المستدل في الاستدلال على أن الوضوء تجب فيه النية: ما ثبت قربةً فشرطه النية كالصلاة. ويسكت عن الصغرى، فلا يقول: الوضوء قربة.
  فيقول المعترض: نحن نقول بموجب هذا، أعنى: أن ما ثبت قربة تجب فيه النية، لكن من أين يلزم أن الوضوء شرطه النية؟ فورد هذا لما سكت المستدل عن الصغرى. وأما إذا كانت الصغرى مذكورة فإنه لا يرِدُ إلا منعها، بأن يقول: لا نسلم أن الوضوء قربة، وهو يكون حينئذ منعا لها لا قولا بالموجب.
  وجواب هذا الضرب: ببيان أن الحذف عند العلم بالمحذوف شائع، والمحذوف مراد ومعلوم، فلا يضر حذفه، والدليل هو المجموع لا المذكور وحده(٢).
  فهذه جملة الاعتراضات على ما ذكره ابن الحاجب. وكل واحد منها نوع مستقل. ويصح تعددها إذا كانت من نوع واحد، كاستفسارات أو معارضات تورد على قياس واحد اتفاقا. وأما إذا كانت من نوعين فصاعدا، كأن يورد على مسألة واحدة استفسار ومنع ونقض - مثلا - فقد اختلف فيه:
(١) في المنتهى: لكونها غير مشهورة، وفي حواشيه: وإلا كان المقدر كالملفوظ. قال سعد الدين: في أكثر نسخ المتن غير مشهورة، وهو أقرب؛ للقطع بأن كون الوضوء قربة ليست بمشهورة، ولأن الصغرى إذا كانت مشهورة فهي بمنزلة المذكورة، فلا يرِد القول بالموجب. وجواب هذا الضرب: أن الحذف شائع فيرتفع المطعن. قال مولانا: وهذا الاعتراض راجع إلى اختلال شرط، وهو المنع من اقتضاء العلة الحكم وتأثيرها. منهاج.
(٢) قال الجدليون: القول بالموجب فيه انقطاع أحد المتناظرين؛ إذ لو بيَّنَ أن المثبتَ مدعاه أو ملزومه، أو أن المبطَل مأخذ الخصم أو لازمه، أو أن الصغرى حقٌّ - انقطع السائل، وإلا فالمعلل. وهذا صحيح في الأوَّلَين دون الثالث؛ لاختلاف مراديهما، فمراد المعلل أن المتروك كالمذكور لظهوره، ومراد السائل أن المذكور وحده لا يفيد؛ فلو بيَّنَ المعلل مراده استمر البحث بمنع الصغرى. شرح غاية.