الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[النهي]

صفحة 308 - الجزء 1

  لأن صلاحيتها له بوضع ثانٍ غير هذا الوضع. ويخرج به أيضا المشترك إذا استعمل في جميع حقائقه، فإنه يصدق أنه مستغرق لما يصلح له، وليس بعامٍّ؛ لتعدد الواضع⁣(⁣١)، فتأمل! والله أعلم.

  فهذا القيد يُدخل المشترك باعتبار، ويُخرجه باعتبار، كما ترى.

  (والخاص بخلافه) وهو: اللفظ الذي لا يستغرق ما يصلح له.

  (والتخصيص(⁣٢) : إخراج بعض ما تناوله العام(⁣٣)) أي: إخراجه عما يقتضيه ظاهر اللفظ من الإرادة والحكم. لا عن الحكم نفسه ولا عن الإرادة نفسها، فإن ذلك الفرد لم يدخل فيهما⁣(⁣٤) حتى يخرج. ولا عن الدلالة؛ فإن الدلالة هي كون


(١) الأولى: الوضع.

فلولا هذا القيد - أي: قوله: «بوضع واحد» لما صدق الحد على لفظ العين - مثلاً - المتناول لجميع أفراد الباصرة، مع أنه عام، وللزم من عمومه اشتغراقه لجميع أفراد معانيه المتعددة من العموم، وليس بعام، ومن ترك هذا القيد فكأنه نظر إلى أن ما يصلح له المشترك بحسب إطلاق واحد ليس هو جميع أفراد المفهومين بل هو جمع أفراد مفهوم و احد. قسطاس.

(٢) وقد فرق بينه وبين النسخ بوجوه، أوضحها أن النسخ يجب فيه التراخي، وأنه يكون لكل ولبعض، بخلاف التخصيص. قال في الفصول: والتحقيق أنه نوع من التخصيص خاص بالأزمان، بخلاف غيره فيكون في الأزمان والأعيان، فكل نسخ تخصيص ولا عكس. ح حا.

(٣) هذا ذكره أبو الحسين، وأورد عليه أنه إذا أخرج ذلك البعض لم يتناوله الخطاب به فأجاب بأن المراد ما تناوله بتقدير عدم المخصص، كقولهم خصص العام، وهذا عام مخصص، ولا شك أن المخصص ليس بعام، وإنما المراد به أنه عام لولا تخصيصه. قسطاس.

(٤) ولكن لما اقتضى ظاهر اللفظ ذلك احتيج إلى التخصيص، لا في نفس الأمر فهو خارج.

(*) لا أن دخول الخاص مراد من أول الأمر، فهو غير داخل في العموم من الابتداء، وإنما يتحقق أنه مراد من أول الأمر وأنه غير داخل في العموم عند ورد التخصيص، ألا ترى أنه لو قال قائل: أكرم القوم إلا زيداً؛ فإن زيداً من جملة القوم، لكنه غير مراد، ولا محكوم عليه بالإكرام، ومنه حديث العالمون كلهم هلكى إلا العاملون، فالعاملون غير مرادين، وغير محكوم عليهم بالهلاك.

وقد ذكر نظير هذا الرضى في الاستثناء حيث قال: حقيقة الاستثناء: هو المخرج من متعدد، أي: المحكوم بإخراجه من متعدد قبل إثبات الحكم لذلك المتعدد، ففي قولك: «جاء القوم إلا زيداً» تقدر أنه حكم على زيد بالخروج قبل الحكم عليهم بالمجيء، فقولك: «جاءني القوم إلا زيداً» بمنزلة: القوم المخرج منهم زيد جاؤني.

قوله: فهو غير داخل في العموم ... إلخ، أي: ولم يرد العموم، وإنما أريد به الباقي بعد التخصيص، فيعمل بالخاص فيما تناوله وبالعام فيهما بقي.

=