[ألفاظ العموم]
  أو قياس، وأما بمجرد الصيغة فلا يدخل. وذهبت الحنابلة(١): إلى دخولهم في الخطاب مع الموجودين.
  قلنا: المعلوم قطعا أنه لا يقال للمعدومين {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} ونحوه، وإنكاره مكابرة. وأيضا فإنه لا يتناول الصبي والمجنون؛ إذ لا يخاطبون بمثل ذلك؛ لقصورهم عن الخطاب، وإذا لم يتناولهم مع وجودهم فالمعدومون أولى بأن لا يتناولهم؛ إذ تناوله(٢) لهم أبعد، والله أعلم.
  (و) المختار (أن) خطاب الذكور الذي يمتاز عن خطاب الإناث بعلامات، كـ «المسلمين» و «فعلوا» لا يدخل فيه الإناث؛ لإجماع أهل العربية على أن مثل ذلك جمع مذكر؛ إذ هو جمع مسلم، وفعل، ولا نزاع في أن «مسلما» «وفعل» «وفاعلا»(٣) للمذكر خاصة، فكذلك جمعه. وأما (دخول النساء في عموم) ذلك وما أشبهه، مثل: يا أيها (الذين آمنوا ونحوه) فذلك إنما هو (بنقل الشرع(٤)) لدخولهن؛ لحمل الصحابة والتابعين ما كان كذلك على الجنسين(٥)،
(١) قال بعض العلماء: الخلاف في عموم خطاب المشافهة قليل الفائدة؛ فلا ينبغي أن يكون فيه خلاف عند التحقيق؛ لأن اللغة تقتضي أن لا يتناول غير المشافهين بالخطاب، والقطع بأن الحكم شامل لغيرهم؛ لما علم من عموم الشريعة. ح غ.
(٢) وأورد على الأول من الدليلين: أنه إن أريد بقولهم: إنه لا يقال للمعدومين إنهم لا يخاطبون به خاصة فمسلّم، ولا نزاع فيه، وإن أريد أنهم لا يخاطبون به مع الموجودين ويكون اطلاق لفظ الناس أو المؤمنين أو العباد عليهم تغليباً فممنوع، وهو أول المسألة، كيف ومثله صحيح شائع في الكلام، معروف عند علماء البيان. وأورد على الدليل الثاني أن عدم توجيه خطاب التكليف إلى الصبي والمجنون بدليل عقلي لا ينافي عموم الخطاب وتناوله لفظاً كما في سائر الأدلة التي بها يقع التخصيص. ح غ.
(٣) في المخطوطتين: وفاعل.
(٤) أي: لولا أن الشارع حكم بدخولهن في هذه الصيغة لم يدخلن؛ لكونها مما يختص به المذكر، ولحمل الصحابة والتابعين ذلك، أي: نحو: {يا أيها الذين آمنوا} على كل من الجنسين: الذكر والأنثى.
(٥) ولا يبعد تصيير القرينة له حقيقة شرعية في الجنسين، وهي كون القرآن خطاباً لمن آمن وهن ممن آمن قطعاً. من المعيار وشرحه المنهاج، ويكون ذلك من باب التغليب إلا أنه لا يكون ظاهراً لغة، بل اقتضته القرينة. قيل: وأما من جهة الشرع فلا يبعد أن يقتضيه الوضع الشرعي، وقد يقال: لا نسلّم أن ذلك مما اقتضاه الشرع بالوضع، بل لقرينة خارجة، وهي ما ذكرناه. ح معيار للسيد داود.
=