[المخصص قسمان: متصل ومنفصل]
  قيل: وهو اتفاق؛ لأنه عند الحنفية موافق لحكم الأصل، وهو براءة الذمة. والظاهر أنه ينتفي عندهم لهذا، لا للاستثناء، وعندنا للاستثناء؛ لنقل ذلك عن أهل العربية أيضا.
  (و) المختار (أنه) أي: الاستثناء (بعد الجُمَل المتعاطفة) أي: المعطوف بعضها على بعض، قيل: بالواو فقط، وقيل: مطلقا، أي: بالواو وغيره، وقيل: بل الأَولى أن يفصل، ففي «بل» و «لا» و «لكن» لا يرجع إلى الجميع، وسائر حروف العطف(١) كالواو. فإذا عرفت هذا فلا نزاع في أنه يمكن أن يرجع إلى الجميع وإلى الأخيرة، وإنما الخلاف في الظهور. (و) المختار عند الأكثر أنه ظاهر في أنه (يعود إلى جميعها(٢) ، فيحمل) على أنه استثناء من كل واحدة منها، (إلا لقرينة) تصرف عنه، وتقتضي العود إلى بعضها. مثاله قول تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا ..}[النور]، فهذا الاستثناء وقع بعد ثلاث جُمَل: الأولى: أمرية، والثانية: نهيية، والثالثة: خبرية - فيعود إلى جميعها، فلا يحكم بفسق التائب، وتقبل شهادته، وكان القياس سقوط الحد، لكنه حق لآدمي فلا يسقط إلا بإسقاطه، فلا يعود الاستثناء إليه؛ لقيام القرينة.
  وقيل(٣): بل الظاهر رجوعه إلى التي تليه(٤)، فيخرج عن الفسق فقط، ويبقى الجلدُ وعدمُ قبول الشهادة.
(١) في شرح الغاية ما لفظه: أما ما لم يكن في معنى الواو في الجمع كلكن، وبل، وأو، ولا، وأما، وأم فإن الاستثناء يعود إلى الأخيرة بلا نزاع.
(٢) كقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا}[النساء ٩٢]، فإنه عائد إلى الآخيرة أي: إلى الدية دون الكفارة قطعاً، أو كلها كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}[الفرقان ٦٩]، إلى قوله تعالى: {إلا من تاب}، فإنه عائد إلى جميع ما تقدمه بلا خلاف. ح حا.
(٣) وقيل: أبو عبدالله، والحنفية. معيار.
(٤) وهي الجملة الأخيرة خاصة، إلا لقرينة تقتضي رجوعه إلى غيرها أيضاً، واحتجوا بأن الظاهر في الاستثناء رجوعه إلى الجملة التي يليها؛ لأنه إنما يرجع إلى ما قبله لعدم استقلاله فيتقيد بالأقل، وما يليه هو المتحقق؛ لأن تعليقه بغيره لا حاجة إليه، ولا دلالة عليه. قلنا: يجوز أن يكون وضعه للجميع كما لو قام دليل عليه، وأيضاً فإن التشريك بين الجمل بالعطف يصيرها ... إلخ. معيار، وقسطاس.