[المخصص قسمان: متصل ومنفصل]
  معنى(١)، أما اللفظ فلعدم ما يدل عليه على هذا التقدير. وأما المعنى فلأن الأصل عدمه(٢).
  والدليل على ما ذهبنا إليه أن المعتمد في دلالة الألفاظ هو النقل عن أهل العربية، والمنقول عنهم أنه كذلك. وأيضا فلو لم يكن إثباتا لما كان قول القائل: لا إله إلا الله توحيداً(٣)؛ لأن معنى التوحيد: هو نفي الإلهية عما عدا الله تعالى وإثباتها له، فإذا لم يدل هذا اللفظ على إثبات الإلهية لله تعالى، بل كان مسكوتا عنه - فات أحد شطري التوحيد، والمعلوم أنه توحيد؛ فثبت ما قلناه.
  (و) كذا (العكس)، وهو أنه من الإثبات نفي.
(١) ولفظ القسطاس مع المعيار: وحينئذٍ لا يكون من الإثبات نفياً، ولا من النفي إثباتاً، وأما الاستثناء فهو للإعلام بعدم التعرض للمستثنى والسكوت عنه، من غير دلالة في اللفظ على أن للمستثنى حكماً مخالفاً لحكم المستثنى منه فيهما، ففي مثل: «عليّ عشرة إلا ثلاثة «لا تثبت الثلاثة بحكم البراءة الأصلية وعدم الدلالة على الثبوت، لا بسبب دلالة اللفظ على عدم الثبوت. وفي مثل» ما عليّ إلا سبعة» لا يثبت شيء بحسب دلالة اللفظ لغة، وإنما يثبت بحسب العرف وطريق الإشارة، وقد يحصل الاتفاق على انتفاء الحكم في الجنبة الأولى، لكن عندنا بطريق دلالة اللفظ، وعندهم بحكم البراءة الأصلية.
(*) قيل في الاحتجاج لمذهب الحنفية: قال رسول الله ÷: «لا صلاة إلا بطهور»، رواه الطبراني في المعجم الكبير والأوسط من حديث عيسى بن سبرة عن أبيه عن جده مرفوعاً، فلو كان الاستثناء من النفي يفيد الإثبات للزم ثبوت الصلاة بمجرد الوضوء، وأنه باطل بالاتفاق. قلنا: إنما ذلك مبالغة؛ فلا يصح أن يكون الحصر فيه حقيقياً تحقيقياً، وإنما يكون من الحقيقي الادعائي، وذلك أن الوضوء لما كان أمره متأكداً جعل سائر الشروط بمنزلة العدم، كأنه لا شرط لها غيره. ح غ.
(٢) ويقولون في مثل: ليس عليّ إلا سبعة إنما تثبت السبعة بحسب العرف وطريق الإشارة، لا بحسب الكلام، وكلمة التوحيد يحصل بها الإيمان من المشرك، ومن القائل بنفي الصانع بحسب عرف الشارع، وفي هذه التأويلات من التعسف ما ترى. ح غ.
(٣) وقد أجابوا بأن الإثبات في كلمة التوحيد بعرف الشرع. محلي.
وفي القسطاس ما لفظه: وقد يقال: إنه عندهم توحيد بحسب عرف الشارع، وإنما يلزمهم ذلك لو لم يقولوا كذلك، لكن انكار دلالة قولنا «ما قام إلا زيد» على ثبوت القيام لزيد يلحق بإنكار الضروريات، وإجماع أهل العربية لا يحتمل التأويل.
(*) والمشهور في كتب الحنفية أنه ليس من النفي إثباتاً، ولا من الإثبات نفياً، وإنما هو تكلم بالباقي بعد الاستثناء، ومعناه: أنه إخراج للمستثنى وحكم على الباقي، ولا حكم في الكلام على المستثنى، ففي مثل» عليّ عشرة إلا ثلاثة» إنما لم تثبت الثلاثة بحكم البراءة الأصلية، لا بدلالة الاستثناء على عدم الثبوت.