[المطلق والمقيد]
  (مَعَ زِيَادَةِ قَيْدٍٍ(١))؛ فتدخل المعارف كلها، وجميع الاستغراقات، وكذلك يدخل فيه نحو: {رقبة مؤمنة}، فإنها وإن كانت شائعة في الرقاب المؤمنات لكنها قد أخرجت من شياع ما؛ لأنها كانت شائعة بين المؤمنة وغير المؤمنة، فحين قُيِّدت بذلك القيد زال ذلك الشياع(٢)، فتأمل!
  (وَهُمَا) أي: المطلق والمقيد (كَالعَامِّ(٣) ، وَالخَاصِّ) في جميع ما تقدم من الأبحاث(٤) ويختصان بزيادة بحث، (وَ) هو أنهما (إِذَا وَرَدَا فِي حُكمٍ وَاحِدٍ(٥) حُكِمَ بِالتَّقْييدِ إِجْمَاعًا)، مثل أن يقول: «أطعم تميميا أطعم تميميا عالما»، ومثل: «إن ظاهرت فاعتق رقبه، إن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة» فيُحمل المطلق على المقيد، أي: يُعلم أن المراد بالمطلق هو المقيَّد، فلا يُطعم تميميا غير عالم، ولا يعتق رقبة غير مؤمنة.
(١) وقد يطلق المقيد على معنى آخر، وهو اللفظ الدال لا على شائع في جنسه. فتدخل فيه المعارف والعمومات كلها، وهذا لا يصدق على نحو: {رقبة مؤمنة}؛ لما فيها من الشياع، وهذا المعنى للمقيد ليس باصطلاح شائع فيه، وإنما الإصطلاح هو الأول، أعني: اللفظ المخرج عن شائع بوجه من الوجوه. شرح غاية.
(٢) فكان مطلقاً من وجه مقيداً من وجه آخر.
(٣) هكذا ذكره الإمام المهدي #، وينبغي أن يفصل في ذلك، فيقال: إن تأخر المقيد بمدة لا يمكن فيها العمل بالمطلق فهو مقيد به على المختار، وإن تأخر بمدة يمكن فيها العمل فناسخ عند مانع تأخير البيان إلى قوت الحاجة، ومقيد عند مجوزه. فإن تقدم المقيد على المطلق، أو جهل ذلك. قال في الفصول: فيقاس الخلاف كما تقدم. يعني في التخصيص. قال في حواشيه: وقال الآمدي: لا يعرف خلاف في حمل المطلق على المقيد. وفيه نظر. قلت: فينظر في تحقيق نقل الإجماع المذكور.
(٤) عبارة الفصول: و تقييد المطلق شبيه بتخصيص العام، فما ذكر في التخصيص من متصل ومنفصل، متفق عليه و مختلف فيه، ومختار ومزيف - يجري في تقييد المطلق. وإنما قال: «شبيه» لأنه ليس بإخراج كالعام، وهي عبارة الرفو. ح فصول.
(٥) كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}[المائدة ٣]، وقال في آية أخرى: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}[الأنعام ١٤٥]، فالمطلق يقتضي تحريم المسفوح وغيره، والمقيد يقتضي تحريم المسفوح فقط، وإن غيره ليس بحرام. فمن رد المطلق إلى المقيد اشترط في التحريم السفح، ومن رأى أن الإطلاق يقتضي حكماً زائداً على التقييد، وأن معارضه المقيد للمطلق إنما هو من باب دليل الخطاب - أي: من باب الأخذ بمفهوم المخالفة؛ إذ يؤخذ من قوله {أو دماً مسفوحاً} أن غير المسفوح غير محرم، ومفهوم المخالفة يعمل به بعض العلماء دون بعض، والمطلق عام بدلاً، وهو أقوى من دليل الخطاب - قضى بالمطلق على المقيد، وقال: يحرم قليل الدم وكثيره، فإذاً لم يصح الإجماع في قول المصنف: حكم بالتقييد إجماعاً. معيار للسيد داود.
(*) واتحد السبب الموجب لحكمهما. شرح غاية.