الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[المجمل]

صفحة 351 - الجزء 1

  وإجماله إما بالأصالة كالعين⁣(⁣١)، أو بالإعلال كالمختار، فإنه متردد بين اسم الفاعل واسم المفعول، ولكن بعد الإعلال⁣(⁣٢)، وأما قبلُ فإنه كان مُبَيَّنًا بالحركة للياء: الفاعل بالكسر، والمفعول بالفتح.

  وقد يكون في اللفظ المركب، وهو أنواع: منها: ما هو في جملة اللفظ، نحو قوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ(⁣٣)}⁣[البقرة ٢٣٧]، فإنه متردد بين الإسقاط والزيادة؛ لأنه إن أريد به الزوج فالمراد به الزيادة، وإن أريد به الولي⁣(⁣٤) فالمراد به الإسقاط.

  ومنها: ما هو في مرجع الضمير⁣(⁣٥)، حيث تقدمه أمران يصلح أن يرجع إليهما، مثل قوله تعالى: {أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}⁣[الأنعام ١٤٥]، فإنه يتردد بين اللحم والخنزير.

  ومنها: ما هو في مرجع الصفة، نحو: جاءني غلام زيد الكاتب؛ لاحتمال أن تكون الصفة لزيد أو للغلام. ومثل: زيد طبيب ماهر، فإن الماهر يحتمل أن


(١) على رأي. يعني أنه قد يكون في المشترك كالعين المترددة بالأصالة بين المختلفين، والقرء المتردد بين الضدين، على رأي القائلين بامتناع تعميم المشترك. ح غ.

(٢) ويفرق بينهما بحرف الجر، تقول في الفاعل: مختار لكذا، وفي المفعول: مختار من كذا. جمع الجوامع.

(٣) لترد المركب من الصلة والموصولة بين الزوج والولي. ح غ.

(٤) عند الشافعي. وعندنا: الزوجة إلا أن تكون صغيرة، وكان في إسقاط ما تستحقه مصلحة لها - صح إسقاطه من الولي حيث كان الولي ولي مال وولي نكاح، وإلا فالإسقاط إلى ولي المال. شامي.

(٥) إذا وقع في كلام مركب، وتقدمه أمران يصلح عوده لكل واحد منهما، كما يحكى عن ابن جريح أنه سئل عن علي كرم الله وجهه وأبي بكر أيهما أفضل؟ فقال أقربهما إليه، فقيل: من هو؟ فقال: من بنته في بيته، فأجمل فيهما. شرح غاية. وقريب من هذا لأبي الفرج عبدالرحمن بن أبي الحسن الجوزي، قال ابن خلكان في ترجمة المذكور: وكانت له في مجالس الوعظ أجوبة نادرة، فمن أحسن ما يحكى عنه أنه وقع النزاع في بغداد بين الشيعة والسنية في المفاضلة بين أبي بكر وعلي #، فرضي الكل بما يجيب به الشيخ أبو الفرج، فأمروا شخصاً يسأله عن ذلك وهو على الكرسي في مجلس وعظ، فقال: أفضلهما من كانت ابنته تحته، ونزل في الحال حتى لا يراجع في ذلك، فقالت السنية: هو أبو بكر؛ لأن ابنته عائشة تحت رسول الله ÷، وقالت الشيعة: هو علي كرم الله وجهه؛ لأن فاطمة & ابنة رسول الله ÷ تحته، وهذا من لطائف الأجوبة، ولو حصل بعد الفكر التام وإمعان النظر كان في غاية الحسن فضلاً عن البديهة.