الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[المبين]

صفحة 361 - الجزء 1

  الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً}⁣[التوبة ٣٦]، وهو عام، ولم يسمعوا تخصيصه، وهو قوله ÷ في المجوس: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» إلا بعد حين، ونحو ذلك كثير.

  الثاني: لا يجوز⁣(⁣١)؛ لأنه كالخطاب بالمهمل وما لا يفهم معناه، وهو ممتنع.

  والجواب أن بينهما فرقا؛ لأن المجمل ونحوه يُفهم منه أحد مدلولاته⁣(⁣٢)، فيطيع أو يعصي بالعزم على فعله أو تركه، بخلاف المهمل؛ إذ لا يُفهم منه شيء.

  الثالث: يجوز التأخير في البيان؛ إذ لا يقطع المخاطب بالمجمل بشيء معين؛ إذ لا ظاهر له فيعتقد، فلا يحمل الخطاب به على اعتقاد الجهل، ولا يجوز في التخصيص ونحوه؛ لأن التأخير يوجب حمل الكلام على ظاهره، فيعتقد العموم ونحوه والمراد غيره، فيقبح لما فيه من اللَّبس. واستقرب هذا الإمام الهادي #.

  ورُدَّ بأن سامعه ممنوع من اعتقاد ظاهره؛ إذ المجتهد لا يعمل بظاهر العام حتى يبحث عن تخصيصه، كما يأتي.

  وأيضا فإنه منقوض بالنسخ، فإن ظاهر المنسوخ الدوام، مع أنه غير مراد.

  الرابع: اختاره المصنف، حيث قال: (فَالمُخْتَارُ جَوَازُ ذَلِكَ) أي: تأخير البيان والتخصيص ونحوهما (فِي الأَمْرِ وَالنَّهِيِ(⁣٣))؛ لأنهما إنشاء، فلا يحمل⁣(⁣٤) سامعهما على اعتقاد جهل، فجاز الخطاب بهما وإن لم يُبين. (وَ) حينئذ يجب (عَلَى السَّامِعِ لِلعُمومِ)


= هاشم، أو هم وبنو المطلب، على اختلاف الرأيين، دون بني أمية وبني نوفل، فهذا عام تأخر عنه بيانه؛ إذ ورد من غير بيان تفصيلي، وهو ظاهر، ولا إجمال؛ إذ لو اقترن به لنقل، ولأن الأصل عدمه.

(*) سواء كان الخطاب ظاهراً أريد به خلافه، كبيان التخصيص والتقييد والنسخ والاسم الشرعي، أو لا، كبيان المجمل، وسواء كان خبراً أو إنشاء. وهو مذهب الإمام يحيى والمرتضى الموسوي، والجمهور من الحنفية والشافعية، واختيار ابن الحاجب. شرح غاية.

(١) مطلقاً، وهو مذهب أبي اسحاق المروزي، وأبي بكر الصيرفي من الشافعية، وبعض الحنفية، والحنابلة، والظاهرية، واختاره الإمام أبو طالب، وقال: إنه قول أبي علي وأبي هاشم. شرح غاية.

(٢) فإن لكل واحد من هذه الألفاظ ظاهراً يدل عليه، فإذا أريد به خلاف ظاهره لم يجز تأخير بيان ذلك عن النطق باللفظ، بل لا بد أن يقارن بيان ما أريد به من التلفظ.

(٣) من غير تفرقة بين الظاهر والمجمل. شرح غاية.

(٤) أي: الخطاب بهما.

الأرجح أن يكون ضمير يحمل للإنشاء بمعنى المصدر على طريق الاستخدام، كما لا يخفى على اللبيب.