[الظاهر والمؤول]
  (وَالمُؤَوَّلُ: مَا يُرَادُ بِهِ خِلاَفُ ظَاهِرِهِ)، فيخرج المجمل؛ إذ لا يُفهم المراد به، وهذا قد فُهِم أن المراد به خلاف ظاهره. ويخرج الظاهر؛ لأن المراد به ظاهره، ويخرج المهمل أيضا؛ إذ لا يراد به شيء.
  (و) أما (التَّأوِيلُ) فهو في اللغة: مشتق من آل يؤول، إذا رجع. ومآل الشيء: مرجعه.
  وفي الاصطلاح: (صَرفُ اللَّفْظِ(١) عَنْ حَقِيقَتِهِ إِلَى مَجَازِهِ) لقرينة: إما عقلية، كتأويل اليد في بعض مواضعها في القرآن بالنعمة(٢)؛ إذ هي حقيقة في العضو، لكن لما قامت الدلالة العقلية القاطعة على نفي التجسيم حملناها على خلاف حقيقتها، وقلنا: أراد بها النعمة؛ لكثرة استعمالها فيها عند أهل اللغة.
  وإما مقالية، كصرف ما ظاهره التجسيم من الآيات بقرينة قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى ١١].
  (أَو قَصْرُه) أي: اللفظ (على بَعضِ مَدْ لُولاَتِهِ) كما يُقصر العام على بعض ما يدل عليه(٣)؛ (لِقَرِيْنَةٍ اقْتَضَتهُمَا(٤)) أي: الصرف والقصر، فقرينة الصرف
(١) هذا الحد ذكره الإمام المهدي # في المعيار. قال صاحب القسطاس: وقال ابن الحاجب: إن التأويل في الاصطلاح: حمل الظاهر على المحتمل المرجوح، وهذا يتناول التأويل الصحيح والفاسد، قال: فإن أردت تعريف الصحيح منه زدت في الحد: بدليل يصيره راجحاً، وأما التأويل بلا دليل، أو مع دليل مرجوح أو مساوٍ - ففاسد. قال #: وهو في معنى ما ذكرناه، يعني: صرف اللفظ عن حقيقته ... إلخ. خلا أن حدنا أرجح؛ لكشفه عن الماهية. وقد يعترض حد الإمام بوجوه، منها: أنه ليس بجامع؛ لخروج ما هو تأويل عنه؛ إذ قد يكون التأويل صرف اللفظ عن الظاهر من معنييه إلى الخفي منهما، مع كونه في كل منهما حقيقة، وأيضاً فلا يبعد وقوع التأويل في غير اللفظ. ومنها: أنه غير مانع؛ لدخول التأويل الفاسد؛ لأن القرينة إذا أطلقت شملت الراجحة والمرجوحة والمساوية، وإذا لم تكن راجحة كان التأويل فاسداً، وليس قوله: اقتضته يقتضي خصوص القرينة فليتأمل. ومنها: أن قوله: أو قصره ... إلخ زيادة لا يحتاج إليه؛ لأن العام المقصور على بعض مدلوله مصروف عن حقيقته إلى مجازه لقرينة، فقد تضمنه أول الحد، وحينئذٍ فيكون حد ابن الحاجب أصح وأوضح وأرجح؛ لسلامته عن ذلك.
(٢) مجازاً، تسمية للشيء باسم سببه. من الشرح الصغير.
(٣) وأما قصر المشترك على بعض ما وضع له لقرينة، كالقرء للحيض أو الطهر - فإن قصره على بعض مدلوله من البيان لا من التأويل على الأصح، وقال أكثر أئمتنا، والجمهور: إن كانت معانيه متنافية فمن البيان، وإن كانت غير متنافية فمن التاويل. معيار للسيد داود.
(٤) بقي الكلام فيما إذا اقترن اللفظ بقرينة يكون بها أظهر في المعنى المجازي منه في المعنى الحقيقي، فكلام الآمدي وغيره مصرح بأنه من قسم المأول لا من قسم الظاهر، وهذا هو الظاهر من عبارة =