الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الظاهر والمؤول]

صفحة 365 - الجزء 1

  قد تقدمت، وقرينة القصر: إما عقلية، كما في قوله تعالى: {وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}⁣[البقرة ٢٨٤]، فإن ظاهره العموم، لكن القرينة العقلية - وهي كون بعض الأشياء لا تدخل في مقدوره تعالى⁣(⁣١) كأعيان أفعال العباد، وغير ذلك من المستحيلات عليه تعالى⁣(⁣٢) - قصرته على بعض مدلولاته، وكذلك سائر المخصِّصات العقلية.

  وإما مقالية كالمخصِّصات المقالية المتصلة والمنفصلة، كما تقدم.

  فإن قلت: لِمَ فسر المؤول والتأويل؟ ولم يفسر الظهور، وإنما فسر الظاهر فقط؟

  قلت: لأن المقصود - بحسب العرف⁣(⁣٣) - هو الظاهر، دون الظهور فليس بمقصود. وإنما فسر التأويل - وإن كان أيضا غير مقصود بحسب العرف - لأن بيانه بيان للمؤول إليه⁣(⁣٤)، أي: المعنى الذي صرف إليه الظاهر، فتأمل! والله أعلم.

  نعم، (و) التأويل ثلاثة أقسام، لأنه: لأنه (قَد يَكُونُ قَريباً فَيَكفِي فِيهِ أدْنَى مُرجِّحٍ) لقربه، كما ذكرنا في تأويل اليد بالنعمة، فإنها مجاز في النعمة قريب؛ لقوة العلاقة. وكتأويل آية الجلد في الزاني على التنصيف في العبد، قياسا على الأمة⁣(⁣٥)؛ لأن هذا النوع من القياس الجلي، فقد قصر العام على بعض مدلوله.


= هذا الكتاب، يعني غاية السؤل، وكلام ابن الحاجب في مختصره محتمل، وجعل سعد الدين التفتازاني دخول المجاز في قسم الظاهر أقرب الاحتمالين من كلامه.

(١) لا يخفى ما هذه العبارة من سوء الأدب، فحقه أن يقال: ليس من متعلقات القدرة.

(*) لأن أفعال العباد بالعلاج، وأفعال الله تعالى بالإرادة، فشتان ما بين الفعلين، وعبارة السيد والمحشي موهمة غير لائقة في حقه ø.

(٢) كثاني القديم، والجمع بين الضدين، وإعادة ما لا يبقى كالصوت.

(٣) يعني عرف أهل الأصول؛ لأنهم لا يبحثون عن الظهور، وموضعه اللغة العربية.

(٤) يعني فبيان التأويل يستلزم بيان ما هو مبحوث عنه للأصولي، وهو المعنى المرجوح المحمول عليه اللفظ بدليل يصيّره راجحاً، أي: وبهذا لا يخرج عما هو بصدده.

(٥) فيه أن هذا من التخصيص في العموم بالقياس، وليس من التأويل في شيء، والتخصيص عند جميع الأصوليين من البيان لا من التأويل، وقد ذكر هذا الشارح في عدة مواضع. من فوائد سيدي العلامة: أحمد بن زيد |.