الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الباب الثامن النسخ]

صفحة 388 - الجزء 1

  ومنها: قَبلِيَّتُه في المصحف، فإنه لا يشعر بقبيلته في النزول؛ لأن الآيات لم ترتب على ترتيب النزول.

  ومنها: حداثة سن الصحابي؛ لأنه متأخر الصحبة، فلا يدل على تأخر ما نقله؛ لأن منقول متأخر الصحبة قد يكون متقدما، وبالعكس⁣(⁣١).

  ومنها: تأخر إسلامه، وهو كالذي قبله. ونحو ذلك⁣(⁣٢).

  فهذه هي الطرق إلى تعيين الناسخ ومعرفته من المنسوخ، وما ليس بناسخ ولا منسوخ، والله الهادي.

  فإذا عرفتها⁣(⁣٣) ولم تعلم الناسخ من المتعارضين بطريق مُعيَّن منها وجب التوقف حتى يظهر دليل، لا التخيير فيهما، [ولا إبطالهما والأخذ في الحادثة بغيرهما]⁣(⁣٤)؛ لأن مرجعه إلى رفع حكمهما⁣(⁣٥) مع العلم بأن أحدهما حق، وذلك مما لا يجوز، والله أعلم.

  * * * * *


(١) اللهم إلا أن تنقطع صحبة الأول قبل صحبة الثاني فيرجع إلى ما علم تقدم تاريخه. قسطاس.

(٢) منها موافقته لحكم البراءة الأصلية فيدل على تأخره من حيث أنه لو تقدم لم يفد إلا ما علم بالأصل فيعرى عن الفائدة الجديدة، وإذا تأخر أفاد الآخر - وهو المخالف لحكم البراءة الأصلية - رفع حكم الأصل وأفاد هذا رفع حكم الأول وضعف هذا أيضاً ظاهر لأن العلم بكون ما علم بالأصل ثابتاً عند الشارع وحكماً من أحكامه فائدة جديدة. قسطاس.

(٣) في الغاية وشرحها: إن عُرِفَ الناسخ بطريق من الطرق المعتبرة عمل به، وإلا فالترجيح بين المتعارضين هو الواجب إن أمكن، فيعمل بالراجح. ويطرح المرجوح والترجيح بأحد طرقه الآتية في بابه إن شاء الله تعالى. ثم إن تعذر الترجيح لاستوائهما في جميع الوجوه الظاهرة فإنه يجب الوقف عن العمل بأيهما، و يرجع في حكم الحادثة إلى غيرهما من شرع أو عقل، وهذا قول أصحابنا والأكثرين.

(٤) ما بين المعكوفين غير موجود في نسخة.

(٥) لأن الحكم الثابت لهما هو العمل بالناسخ واطراح المنسوخ، ومع التخيير قد رفع ذلك الحكم. شامي.