الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الباب الثامن النسخ]

صفحة 390 - الجزء 1

  والمجتهد هو: (مَنْ حَصَّلَ) من العلوم (مَا يَحتَاجُ إِلَيهِ فِيهِ) أي: في الاستنباط، والمحتاج إليه في ذلك علوم خمسة⁣(⁣١) قد بينها بقوله:

  (مِنْ عُلُومِ العَرَبِيَّةِ) من نحو وتصريف ولغة؛ وذلك لأن الأدلة من الكتاب والسنة عربية الدلالة، فلا يتمكن من استنباط الأحكام منهما إلا بفهم كلام العرب إفرادا⁣(⁣٢) وتركيبا⁣(⁣٣). والذي يحتاج إليه منها قدر ما يتعلق باستنباط الأحكام من الكتاب والسنة.

  (وَالأَصُولِ)، والمراد بها: أصول الفقه⁣(⁣٤)، دون أصول الدين؛ لأنه لا يسمى علم الأصول مطلقا إلا أصول الفقه، ويسمى أصول الدين علم الكلام، كما هو محقق في البسيطة؛ وذلك لأن علم الأصول مشتمل على معرفة حكم العموم والخصوص، والمجمل والمبين، وشروط النسخ، وما يصح نسخه وما لا يصح، وما يقتضيه الأمر والنهي من الوجوب والحظر⁣(⁣٥)، والفور والتراخي والتكرار وغيرها، ومعرفة الإجماع والقياس، وشروطه صحيحها وفاسدها، مع ما ضم إلى هذه من معرفة المفاهيم، والترجيحات، والحقيقة والمجاز، وغيرها. فلا يمكن استنباط الأحكام إلا بمعرفة هذه الأمور.

  وأما فروع الفقه التي ولَّدها المجتهدون بعد اتصافهم بالاجتهاد فليست بشرط؛ لأنها نتيجة الاجتهاد، فلا تكون شرطا له⁣(⁣٦)، وإلا لزم توقف الأصل على الفرع، وهو دَورٌ.


(١) المجتهد في مسألة أو مسائل مخصوصة يكفيه معرفة ما يتعلق بها ولا يضر جهل ما عداه. شرح غاية.

(٢) بأن يعرف معاني مفردات كلامهم، وذلك بالاطلاع على ما نقله علماء اللغة، كالصحاح.

(٣) بأن يعرف معاني مركبات كلامهم، وذلك كمعرفة قواعد النحو والتصريف ونحوهما.

(٤) قال ابن أبي الخير في شرح مختصر المنتهى: أصول الفقه عمدة الكل، ومن لم يعلمه فهو حاكٍ فقط، وإلا خلط وهلك وأهلك. فصول.

(٥) لا توجد في (نخ).

(٦) وإن كانت ممارسته في زماننا طريقاً إلى تحصيله. شرح غاية.