الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الأول: القرآن]

صفحة 55 - الجزء 1

  فالكلام: جنس الحد. وقوله: «المُنَزَّلُ» يخرج كلام البشر⁣(⁣١)؛ فإنه لم ينزل.

  وقوله: «لِلإِعْجَازِ» يخرج ما نزل لا للإعجاز، كسائر الكتب السماوية⁣(⁣٢)، كالتوراة والإنجيل، وكالسنة النبوية. والمرادُ بالإعجاز: قصدُ⁣(⁣٣) إظهار صدق النبيء ÷ في دعوى الرسالة بفعلٍ خارقٍ⁣(⁣٤) للعادة.

  وقوله: «بِسُورَةٍ⁣(⁣٥) مِنْهُ» بيانٌ لقدر ما به الإعجاز؛ إذ لا يحصل⁣(⁣٦) بالآية والآيتين.

  والمراد بالسورة⁣(⁣٧): الطائفة المترجمة⁣(⁣٨) توقيفًا⁣(⁣٩) المسماة باسم خاص. وأقلها ثلاث آيات، كالكوثر - مثلًا -، وهذا على القول بأن البسملة ليست بآية، فتأمل!


(١) وفي شرح الغاية: يخرج الكلام الذي لم ينزل، كالمكتوب في اللوح المحفوظ ولم ينزل قط، على القول بأنه حقيقة.

(٢) وكالأحاديث الربانية.

(٣) الأظهر: حذف «قصد».

(٤) لأن إظهار المعجز على يد النبيء ÷ مع التحدي قائم مقام التصديق بالقول، فكأنه تعالى قال: صدق عبدي، فاتبعوه.

(٥) قال في شرح الغاية: ويندفع - أيضًا - ما قيل من أن معرفة السورة تتوقف على معرفته فيدور بأن السورة اسم لكل مترجم أوله وآخره توقيفًا مسمى باسم خاص من الكلام المنزل قرآنا أو غيره، قال في الكشاف: ومن سور الإنجيل سورة الأمثال. بلفظه. قوله: «ويندفع ..» الخ لمعرفة السورة من حدها، ومعرفة القرآن من السورة بعد النظر فيها، فوجدناها معجزة، فعرفنا أنها من القرآن.

(٦) قوله: «إذ لا يحصل بالآية ..» الخ قال المفتي: هكذا قال الجمهور، وفي دليلهم شيء؛ إذ لا يلزم من كونه لم يطلب منهم دون السورة كونهم قادرين على أقل؛ لأن المشاهدة قاضية بأنهم عجزوا حتى عن بعض آية؛ لأن في ارتباطها بما قبلها وما بعدها أنواعا من الحكم، وبدائعها ما لا يحيط بها غيره تعالى، فالحق أنهم عاجزون عما كان آية من آياته، لكن مع النظر بمناسبتها لما قبلها وما بعدها. وأما التصريح بأنه لم يقع العجز إلا عن ثلاث آيات فيرده المشاهدة الخارجية؛ إذ لم يسمع عن أحد قط أنه حكى شيئًا منه. ومن كلام عبد الله ابن الإمام شرف الدين في خطبة شرح القصص: الذي يعجز الخلق أن يأتوا من مثله بآية. ما وجد منقولا عنه.

(٧) لفظ شرح الغاية: والمراد بالسورة: بعض من الكلام المنزل مترجم أوله وآخره توقيفا مسمى باسم خاص، متضمن ثلاث آيات. قوله: «مسمى باسم خاص» تخرج الآية الواحدة غير آية الكرسي. وقوله: «متضمن ثلاث آيات» يخرجها.

(٨) يقال: الآية داخلة؛ إذ هي طائفة من الكلام؛ لأن المراد بالطائفة: البعض من المجموع، والآية كذلك، فتخرج من قوله: «المسماة باسم خاص». وفيه نظر؛ إذ بعض الآيات كذلك؛ كآية الكرسي وغيرها. فإذًا يصير الحد غير مانع.

(*) أي: المبينة.

(٩) قوله: «توقيفا» أي: إعلامًا من الشارع؛ فإنه الذي بيَّن أن من هنا إلى هنا سورة. حاشية لسعد الدين على العضد.