[الدليل الثاني: السنة]
  أبو هريرة(١): أكل الربا. وعلي #: السرقة، وشرب الخمر. فهذه كبائر(٢)، وما عداها فملتبس حاله.
  ومنها: الإصرار على الصغائر(٣). قيل: ويرجع الإصرار إلى العرف، وبلوغه مبلغًا ينفي الثقة.
  ومنها: ترك بعض الصغائر(٤)، وهو ما يدل على خِسَّةِ النفس(٥) ودناءة الهِمَّةِ(٦)، كسرقة لقمة، والتطفيف(٧) بحبة من تمرٍ، أو نحوه.
  ومنها: ترك بعض المباح، وهو ما يدل على الخِسَّة والدناءة أيضًا، كاللعب بالحَمَامِ اعتيادًا لا نادرًا، والاجتماع بالأرذال، والحرف الدنية، كالدباغة والحياكة، ممن لا تليق به، مِن غير ضرورة تحمله على ذلك(٨)؛ لأن مرتكبها(٩) لا يتجنب الكذب غالبًا.
  (وَ) الثاني(١٠): (الضَّبْطُ(١١)) من الراوي لما يرويه، فإن كان لا يقدر على الحفظ، بل غالب أحواله السهو فلا تقبل روايته(١٢) ولو كان عدلًا؛ لأنه يُقْدِم على الرواية ظانًّا أنه ضبط وما سها، والأمر بخلافه.
(١) وزاد الهادي #: أكل أموال الناس بالباطل. حكاه في الشافي.
(٢) الظاهر - والله أعلم - أن تعداد ما ذكر على جهة التمثيل، لا على أن غيرها ليس بكبيرة، وذكر غيرها معلوم. وقد روى في الكشاف في تفسير قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ... ٣١} في سورة النساء عن ابن عباس أن رجلا قال له: الكبائر سبع، فقال: هي إلى سبع مائة أقرب؛ لأنه لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار. وروي: إلى سبعين.
(٣) كأن يظهر منه أنه لا يبالي بفعلها، ولا يتحرز عن وقوعها منه.
(٤) وعبارة الإمام المهدي # في الغيث: وترك ما عده كثير من العلماء صغيرًا، كسرقة لقمة ... الخ، ولعله أشار بقوله: «ما عده ..» الخ إلى أن ذلك لا يستقيم على القول بعدم تعين الصغيرة.
(٥) لا ما لا خسة فيه، كالمكروه، وقول القائل لأخيه: أخزاه الله، فإنه قد عَدَّ ذلك ونحوه جماعة كالناصر # من الصغائر، وصدوره من الشخص لا ينفي العدالة، إن لم يتخذ عادة.
(٦) وركاكة الدين إلى حد يستجرئ على الكذب للأغراض الدنيوية كسرقة لقمة ... الخ. أصفهاني.
(٧) التطفيف: هو نقص الميزان والمكيال. أصفهاني.
(٨) أي: على ما لا يليق به، فلا يصير مجروحًا.
(٩) تعليل للزوم ما ذكره لمن ليس مقبول الرواية.
(١٠) رجحان.
(١١) والمراد بالضبط: الظاهر، وهو ضبط اللفظ من حيث اللغة، لا الضبط الباطن، وهو معناه من حيث تعلق الحكم الشرعي به ولو سها في بعض الأحوال، وهذا مقبول لحصول الظن. ح حا.
(١٢) اتفاقًا.