[نعم الدنيا]
  رسول الله ÷ أزكى البشر أخبر بسروره عندما زار أهل الكساء أنه سُرَّ في ذلك اليوم سروراً لم يسر قبله مثله، وأنه أتاه جبريل وأخبره أن أولاده قتلى وأن مصارعهم شتى.
  وكذلك أمير المؤمنين عندما نظر إلى عدة بساتين وكان مصاحباً لرسول الله قائلاً: (ما أحسنها) فأخبره النبي ÷ أن له في الجنة خيراً منها، فتندم أمير المؤمنين على الشهادة فأخبره رسول الله أنها أمامه وأن لحيته الشريفة ستخضب من دم رأسه، وعلى هذا المنوال لا تتم نعمة إلا بفراق أخرى.
  ثم قال ÷: «وما من هَمٍّ إلا وله فرج إلا هم أهل النار» تسلية لأهل المصائب والمحن أن الفرج يأتي بعد الشدة مهما طال الوقت أو قصر.
  نعم، الهموم تطوي الأعمار، وتشغل الأفكار، ولو لم يكن معها أمراض ولا خوف، في هذه الدنيا قليلة البقاء - وإنْ عَلِمَ مَنْ هي عليه متواردةٌ أنَّه يؤجر عليها - فما بالك بهموم أهل النار والعياذ بالله، مع ما هم فيه من حريق النار التي تطلع على الأفئدة، وعلمهم أنهم لا يخرجون منها أبداً، كل واحد من طعامها وشرابها ولباسها وقيودها وحياتها وعقاربها والصياح والعويل فيها - عذاب وافٍ، دع ما سوى ذلك من الأفزاع وضرب المقامع، والسحب على الوجوه في النار، ومجاورة الأشرار، وغضب الجبار، نعوذ برحمة الله الواسعة من غضبه الشديد.