[المرء مخبوء تحت لسانه]
  ألسن العطارين، ويحلو ذوقها من بين الأثمار اليانعة في جميع حدائق المزارعين، صلوات الله وسلامه على من نطق بها وصاغها من يومنا هذا إلى يوم الدين.
  نعم، تنكشف شخصية المرء من خلال كلامه، فالناطق الأديب يكتسي من الثياب أفخرها، ومن الجواهر أحلاها، ومن العطور الثمينة أغلاها، كلامه يشفي الأرواح من أسقام الجهل، له في كل يوم غنائم من الدرر، كلامه سداد، ونصائحه رشاد، يدخل السرور في قلب من خاطبه، إن نصح سقيماً شفاه بتذكيره ما وعد الله الصابرين، أو فقيراً أغناه بأدلة وبراهين اليقين، هو محبوب عند من قرب ومن بعد، إذا قام جليسه من عنده قال: الحمد لله حصلت على ضالتي المنشودة، فسبحان واهب الألسنة والطباع.
  بينما ترى واحداً لا يُجتنى من لسانه إلا الحنظل والمر، يهدم شخصيته عند من عرفه ومن جهله شيئاً فشيئاً وما على عدوه إذا سمع كلامه إلا أن يقول: الحمد لله الذي شفى غيظي بما يخرج من لسانه له في كل يوم جديدٌ من المساوئ لا يرعوي لناصح ولا يرتدع من شماتة كاشح، يجعل الصديق عدواً إذا هداه، والعدو صديقاً إذا جامله بدهاه، كلما خرجت من لسانه واحدة سود بها وجهه ودنس بها ثيابه ومزق بها ثوب ستره، لم يُبْقِ له صديقاً ولا رفيقاً إلا الشيطان الرجيم. نسأل الله الرحمة والعافية إنه أرحم الراحمين.