شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

[ما هلك امرؤ عرف قدره]

صفحة 150 - الجزء 1

  اللهم حسّن بقدرتك أخلاقنا وسدد خطانا في كلامنا ونوايانا وأفعالنا يا أرحم الراحمين وصلى الله وسلم على رسوله الكريم وعلى أمير المؤمنين وآلهما الطيبين الطاهرين.

[ما هلك امرؤ عرف قدره]

  ومن حكمه الكاشفة لحقائق الإنسان قوله #: (ما هلك امرؤٌ عرف قدره):

  كيف يهلك من يبدو له من نفسه في كل يوم بل في كل ساعة عيوب جديدة ومساوئ عديدة يدس نفسه إذا ذكرها بين التراب لا يدري من أين يبتدئ أيبتدئ بمخازي قلة الشكر على ما أنعم الله عليه؟ أم بذكر النوايا الخبيثة؟ أم بنظرات بصره إلى ما نهي عنه في كتاب الله؟ وإذا وجَّه نظر قلبه إلى دواوين الكلام وما صدر من لسانه شعر أنه عائم في وسط بحر عميق من المعاصي.

  كم غيبة ونميمة وبهت وكلام وقت الغضب جلف يواجه به ضعيفاً في بيته وبين مجتمعه ويقهر به والدته ووالده، كذلك الأموال التي أخذها وأنفقها هو يعلم أنه عنها مسؤول {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ٨٨}⁣[الشعراء]، {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}⁣[الكهف]، فكيف يهلك من نظر في أحواله بهذه النظرات، كيف يهلك بعجب أو سمعة أو يغتر بثناء من أثنى عليه، كلا لا يغتر إلا من صك أبواب العبر وترك التفكر في أحواله وما كتبه عنه حفظته الكرام الكاتبين ونسي أو تناسى عن مراقبة أرحم