ويقول الله تقدست أسماؤه: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا 27 ياويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا 28 لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا}
  وفي حال الندم يأتي المظلومون يطالبونه بحقوقهم من أعراضٍ هتكها وحرمٍ انتهكها وحقوقٍ للضعفاء والمساكين اغتصبها.
  نعم، المستبد بميراث أرحامه في ذلك اليوم أذل من الأمة، الذي كان في الدنيا يحمر وجهه إذا طولب، آثر به أولاده وزوجته، وأرحامُه في أمس الحاجة إليه، وآخر غَالَطَ أبناءَ مجتمعه في حقوقهم وأراضيهم وأموالهم يحسب أنه محق إذا لم يعلموا، نسي مراقبة الله عليه وأنه يعلم السر وأخفى.
  ألا تسمع لمقالة من هذا حاله: {وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}[الكهف].
  ثم قال تعالى: {يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ٢٧} عند ذلك علم حينئذ أن الرسول جاء بدين قويم وصراط مستقيم، وأن الذي كانت عيناه تزدريهم هم الذين أصابوا وأفلحوا ونجحوا، هم أصحاب الفوز العظيم والرأي السديد.
  ولما كان المؤمنون يعاملون أعداء الدين في هذه الدنيا برفق وإغضاء عملاً بقول الله تعالى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ٧٢}[الفرقان]، {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ٦٣}[الفرقان]، ظن أعداء الله أن الأمر على ما كانوا يعهدون في الدنيا فنادوا الفائزين برضوان الله قائلين: {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ