شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

{قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم 53 وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون}

صفحة 20 - الجزء 1

  يتحبب إلينا ربنا ويستر في هذه الدنيا فضائحنا، وعلينا تغدو نعمه وتروح من غير حاجة منه إلينا أو لعبادتنا، ما أقل حياء من ترك هذا العرض الرباني والخبر القرآني.

  نعم، أجمل الله هنا ذكر المعاصي بقوله: {أَسْرَفُوا} فالإسراف هنا يتناول كل ذنب مما تجب فيه التوبة من الشرك فما دون؛ بدليل: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} وأكد ذلك بقوله: {إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٥٣}.

  فأي نعمة أبلغ من نعمة الله علينا بقبول التوبة وغفران جميع الذنوب للتائبين، غير أن قبول التوبة من الله جلت قدرته لها حدود أوضح ذلك في قوله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ٥٤} فلنشكر الله ونقتدي برسول الله في ترديد التوبة من صميم قلوبنا في مسائنا وفي صباحنا، ونطلب من الله بصدق من نياتنا فكاك رقابنا من عذابه الأليم، وليعلم كل مؤمن أن الأعمال بخواتمها، وأن العاقبة للمتقين.

  نعم، كم من نعمة أسبلها علينا ربنا ونحن عن شكر الله عليها غافلون، كم متعنا الله بعقولنا وقد مكرنا بها مراراً وتكراراً، وكم وقعنا في المعاصي بأبصارنا وأسماعنا وألسنتنا وأيدينا وأرجلنا، غذانا ربنا بنعمه وأسبغها علينا ومتعنا بعافيته وقد أشعرنا بمحافظة ملائكته علينا: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ١٠ كِرَامًا كَاتِبِينَ ١١ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ١٢}⁣[الانفطار]، وهذا من عدل الله ونعمته علينا كي لا يبقى لنا عذر ولا حجة.