قال الله تعالى: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا 85 ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا 86}
  
  قال الله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ٨٥ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ٨٦}[مريم]:
  تأمل يا طالب النجاة في عناية الله وتشريفه لهم وفيما وسم به أعداءه من الذل والانكسار والإهانة.
  نعم، يؤخذ من الآية الأولى أن من شملتهم رحمة الله وعفوه ومغفرته قد أمنهم من أهوال وطوام يوم القيامة وأنهم من الخوف والمناقشة وشدة الحساب آمنون، بعثوا ليكرموا، وحشروا لينعموا، فالأمان الذي واجههم به ملائكة الله عند الموت أبدي، والتعظيم لهم من خالقهم سرمدي، الموفِد والموفَد إليه واحد وهو الرب العظيم الرحمن الرحيم.
  نعم، الوفد إذا قدم من بلد بأمر قائده إلى بلد أخرى فإنه يشرف ويكرم، ولا يوفد الملوك إلا النخبة من حاشيتهم ووزرائهم، والملك الذي يستقبلهم يهيء لهم كل ما يحتاجون إليه ويتحفهم بعظيم من الهدايا وأهل مملكته ينظرون إليهم نظر إعجاب وتعظيم، كذلك أولياء الله يبعثهم الله جلت عظمته بيض الوجوه آمنين مطمئنين، نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، آخذين كتبهم بأيمانهم يقول قائلهم: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩}[الحاقة]، ينظرون إلى أعداء الله وقد اسودت وجوههم ويبست شفاههم من شدة العطش وألسنتهم، فلا يقفون موقفاً من أرض المحشر إلا عمهم التكريم من ملائكة الله والتبجيل،