شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

قال الله تعالى: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا 85 ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا 86}

صفحة 84 - الجزء 1

  وكلما قربوا من الجنة زيد في تعظيمهم وتكريمهم، الخبر ثابت ومستقر في قلوبهم أنهم من أهل الجنة، وإذا بالجنان وما أعد الله لهم فيها أمام عيونهم فليس الخبر كالعيان، قال الله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ٣١ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ٣٢}⁣[ق]، تبرز لاستقبالهم مع ملائكة الله الحور الحسان فلا يستطيعون التعبير عما في نفوسهم ولسان حال أحدهم يقول: هذا حقيقة أم خيال؟! كل ذلك قد أعده موفدهم والوافدون إليه، فالقصور من الأحجار النفيسة مبنية، والأنهار من جميع الأشربة مطردة، والوجبات الشهية ترد عليهم في أوقاتها يقدِّمها خدم لهم النظر في صورهم وملابسهم يغني عن الطعام والشراب، يكفيهم من التعظيم أنهم وفد الله، ومن التشريف أنه يستقبلهم أهل ولاية الله، قد سبق أنه يتحف الوفد بتحف من أنفس الهدايا ووفد الله يتحفون بالملك الأبدي والتعظيم السرمدي، يتحفون بالنساء المطهرات، خلقت كسوتهن خلقاً، النظر في وجوههن يبرئ السقيم، ومهاواتهن تغني عن الطعام والشراب، بماذا استحقوا هذا اللقب الذهبي وسموا وفد الله؟ لأنهم داسوا الغدْرَ والمكر والاستخفاف بخلقه بأقدامهم، ملأوا قلوبهم بالرحمة للمستضعفين من الأيتام والضعفاء والمساكين، وذموا أنفسهم بالصدق، فعرفوا قدر العلماء وطلبة العلم والمؤمنين، توجهاتهم إلى خالقهم يقول أمير المؤمنين #: (عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم).