السادس: الزمن المبهم المضاف لجملة
  والنوع السادس: الزّمن المبهم المضاف لجملة، وأعني بالمبهم ما لم يدل على وقت بعينه، وذلك نحو: الحين والوقت والساعة والزمان؛ فهذا النوع من أسماء الزمان تجوز إضافته إلى الجملة، ويجوز لك فيه حينئذ الإعراب والبناء على الفتح، ثم تارة يكون البناء أرجح من الإعراب، وتارة العكس؛ فالأول إذا كان المضاف إليه جملة فعلية فعلها مبنيّ كقوله:
  ٢٥ - على حين عاتبت المشيب على الصّبا ... وقلت: ألمّا أصح والشّيب وازع؟
٢٥ - هذا بيت من الطويل للنابغة الذبياني، أحد فحول الشعراء الجاهليين، والحكم عليهم في سوق عكاظ، والبيت من شواهد ابن عقيل (رقم ٢١٤) وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٢٣٥).
اللّغة: «عاتبت» العتاب هو اللوم في تسخط، «المشيب» هو الشيب، «الصبا» - بكسر الصاد - الصبوة، وهي الميل إلى شهوات النفس واتباع لذائذها، «أصح» فعل مضارع من الصحو، وهو في الأصل ضد السكر، ويروى «ألمّا تصح» «وازع» زاجر، وناه، وكاف.
الإعراب: «على» حرف جر «حين» يروى بالجر معربا، وبالفتح مبنيا وهو المختار هنا، وعلى كل حال فهو مجرور بعلى إما لفظا وإما محلا، والجار والمجرور متعلق بقوله: «كفكفت» في بيت سابق على هذا البيت، وهو قوله:
فكفكفت منّي دمعة فرددتها ... على النّحر منها مستهلّ ودامع
«عاتبت» فعل وفاعل، والجملة في محل جر بإضافة حين إليها، «المشيب» مفعول به لعاتبت، «على الصبا» جار ومجرور متعلق بعاتب، «فقلت» الفاء عاطفة، قلت: فعل وفاعل، وجملتهما معطوفة على جملة عاتبت، «ألما» الهمزة للإنكار، لما: حرف نفي وجزم يدل على توقع ما بعده: أي انتظار وقوعه وحصوله، «تصح» فعل مضارع مجزوم بلمّا، وعلامة جزمه حذف الواو والضمة قبلها دليل عليها، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، ومن رواه أصح كالشارح ففاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، «والشيب» الواو للحال، الشيب: مبتدأ، «وازع» خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب حال.
الشّاهد فيه: قوله «على حين عاتبت» فإنه يروى بجر «حين» على أنه معرب تأثر بالعامل الذي هو حرف الجر، ويروى بفتحه على أنه مبني على الفتح في محل جر، والجملة التي أضيف إليها حين جملة فعلية فعلها ماض، والفعل الماضي مبني كما علمت مما سبق؛ فدل ذلك على أن كلمة «حين» ونحوها إذا أضيفت إلى مبني جاز فيها وجهان، لكن البناء أرجح؛ لأن المضاف اكتسب البناء من