شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الرابع: العلم المؤنث الموازن لفعال كحذام عند أهل الحجاز

صفحة 131 - الجزء 1

  وقال الأعشى فجمع بين اللغتين التميميتين:


رواه صاحبا اللسان ومعجم البلدان هكذا:

* متى ما ترد يوما سفار تجد بها*

اللّغة: «سفار» بوزن قطام - منهل قبل ذي قار بين البصرة والمدينة، وهو لبني مازن بن مالك من بني عمرو بن تميم، «المستجيز» المستقى، «المعور» الذي لا يسقى إذا طلب الماء.

الإعراب: «متى» اسم شرط جازم يجزم فعلين، وهو ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب، والعامل فيه تجد، «تردن» ترد: فعل مضارع فعل الشرط، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة في محل جزم بمتى، «يوما» ظرف زمان متعلق بترد، «سفار» مفعول به لترد، مبني على الكسر في محل نصب، «تجد» فعل مضارع، وهو جواب الشرط، مجزوم وعلامة جزمه السكون، «بها» جار ومجرور متعلق بتجد، «أديهم» مفعول به لتجد، «يرمي» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أديهم، والجملة في محل نصب صفة لأديهم، «المستجيز» مفعول به ليرمي، «المعور» صفة للمستجيز.

الشّاهد فيه: قوله «سفار» فإنه اسم على زنة فعال - بفتح الفاء - وهو علم على مؤنث وآخر حروفه راء مهملة، وهو في هذا البيت مروي بكسر آخره مع أنه مفعول به، والمفعول منصوب، فدل ذلك على أنه مبني على الكسر، قال سيبويه (ج ٢ ص ٤٠): «فأما ما كان آخره راء فإن أهل الحجاز وبني تميم فيه متفقون، ويختار بنو تميم فيه لغة الحجاز» اه، ثم قال (ج ٢ ص ٤١): «واعلم أن جميع ما ذكرنا في هذا الباب من فعال ما كان منه بالراء وغير ذلك: إذا كان شيء منه لمذكر، لم ينجر أبدا، كان المذكر في هذا بمنزلته إذا سمي بعناق؛ لأن هذا البناء، لا يجيء، معدولا عن مذكر فيشبه به» اه.

ومن أمثلة هذا النوع المختومة بالراء «جعار» وهو اسم للضبع، وقد قال الشاعر: (وهو النابغة الجعدي كما في سيبويه والأعلم ٢/ ٣٨، وأبو صالح عبد الله بن خازم الصحابي كما قال الشنقيطي):

فقلت لها عيثي جعار وجرّري ... بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره

فبني «جعار» على الكسر، وهو منادى حذفت منه ياء النداء، والأصل «يا جعار» وتقول في إعرابه: منادى مبني على ضم مقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة البناء الأصلي في محل نصب، وقد استوت فيه لغة أهل الحجاز، ولغة بني تميم.

ومن أمثلته التي آخرها راء «عرار» وهو اسم بقرة بعينها، وفيها ورد قولهم في مثل من أمثالهم (هو المثل رقم ٤٣٨ في مجمع الأمثال بتحقيقنا) «باءت عرار بكحل» فقد ورد قولهم «عرار»