شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

يجوز في المنادى أن يفتح فتحة إتباع بشروط

صفحة 161 - الجزء 1

  ٦١ - لسلمى بذات الخال دار عرفتها ... وأخرى بذات الجزع آياتها سطر

  كأنّهما ملآن لم يتغيّرا ... وقد مرّ للدّارين من بعدنا عصر

  أصله «كأنهما من الآن» فحذف نون «من» لالتقائها ساكنة مع لام «الآن»⁣(⁣١) ولم يحركها لالتقاء الساكنين كما هو الغالب، وأعرب «الآن» فخفضه بالكسرة.


العسر فيها حاصل يفجؤك دوران مياسير، وقد بينا في إعراب هذا البيت خلافا للعلماء في هذه الكلمة فاحفظه يرشدك الله.

٦١ - هذان بيتان من الطويل، وهما لأبي صخر الهذلي، من قصيدته التي يقول فيها:

وإنّي لتعروني لذكراك هزّة ... كما انتفض العصفور بلّله القطر


(١) لذلك نظائر في كلام العرب قداماهم ومحدثيهم؛ فمن ذلك قول عمر بن أبي ربيعة:

وتعلم أنّ لها عندنا ... ذخائر ملحبّ لا تظهر

أراد «من الحب» فحذف النون.

ومنه قول القتال الكلابي:

وما أنس ملاشياء لا أنس نسوة ... طوالع من حوضى وقد جنح العصر

أراد «من الأشياء» فحذف النون.

ومن ذلك قول النابغة الجعدي:

ولقد شهدت عكاظ قبل محلّها ... فيها، وكنت أعدّ ملفتيان

أراد «من الفتيان» فحذف النون.

ومن ذلك قول النابغة الجعدي في نفس القصيدة التي منها البيت السابق:

ولبست ملاسلام ثوبا واسعا ... من سيب لا حرم ولا منّان

أراد «من الإسلام» فحذف النون.

ومن ذلك قول أبي الطيب المتنبي:

نحن قوم ملجنّ في زيّ ناس ... فوق طير لها شخوص الجمال

أراد «من الجن» فحذف النون.

وربما حذفوا من كلمة «على» الجارة لامها والألف التي بعدها؛ وذلك كما وقع في قول أبي السمال الأسدي، واسمه سمعان بن هبيرة:

وللموت خير للفتى من حياته ... بدارة ذلّ علبلايا يوقّر

أراد «على البلايا» فحذف الألف لالتقاء الساكنين، ولم يكتف بهذا فحذف اللام قبلها.