شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الأول: أنهما لا يحذفان، خلافا للكسائي والسهيلي

صفحة 196 - الجزء 1

  لمن قال «من قام» أو «من ضرب» ووجوبا، نحو {إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ١ وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ ٢ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ} ولا يكونان جملة فنحو {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ} على إضمار التّبيّن، ونحو {وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ} على الإسناد إلى اللّفظ، ويؤنّث فعلهما لتأنيثهما: وجوبا في نحو «الشّمس طلعت» و «قامت هند» أو «الهندان» أو «الهندات» وجوازا: راجحا في نحو «طلعت الشّمس» ومنه «قامت الرّجال» أو «النّساء» أو «الهنود» و «حضرت القاضي امرأة» ومثل قامت النّساء «نعمت المرأة هند» ومرجوحا في نحو «ما قام إلّا هند» وقيل: ضرورة، ولا تلحقه علامة تثنية ولا جمع، وشذّ نحو «أكلوني البراغيث».

  وأقول: ذكرت هنا خمسة أحكام يشترك فيها الفاعل والنائب عنه:

  الحكم الأول: أنهما لا يحذفان، وذلك لأنهما عمدتان، ومنزّلان من فعلهما منزلة الجزء.

  فإن ورد ما ظاهره أنهما فيه محذوفان فليس محمولا على ذلك الظاهر، وإنما هو محمول على أنهما ضميران مستتران⁣(⁣١)؛ فمن ذلك قول النبي ÷: «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن»؛ ففاعل «يشرب» ليس ضميرا عائدا إلى ما تقدم ذكره - وهو الزاني - لأن ذلك خلاف


وإنّما يرضي المنيب ربّه ... ما دام معنيّا بذكر قلبه

فإن قوله «معنيّا» اسم مفعول يعمل عمل الفعل المبني للمجهول وهو منصوب لأنه خبر دام، وقوله «بذكر» جار ومجرور، وهو نائب فاعل لمعنيّ، وقوله «قلبه» مفعول ثان لمعنيّ، ولم ينب الشاعر المفعول به مع وجوده في الكلام، بدليل أنه جاء به منصوبا، وأناب الجار والمجرور.

وكل هذه الشواهد محمولة على الضرورة الشعرية عند جمهور البصريين.


(١) هذا الكلام على إطلاقه صحيح بالنسبة لنائب الفاعل، ولكنه غير صحيح بالنسبة للفاعل، وذلك لأن الفاعل قد حذف في مواضع عديدة، ومنها مواضع قياسية، وذكر المؤلف نفسه في كتابه قطر الندى بعض هذه المواضع، ونحن نجمل لك ذكر هذه المواضع حتى لا تضيع عليك فائدة نرجو أن تنتفع بها. =