السادس من المرفوعات: اسم أفعال المقاربة، وهي باعتبار معانيها على ثلاثة أقسام
  وكنت أمشي على رجلين معتدلا ... فصرت أمشي على أخرى من الشّجر
  وقال الآخر:
اللّغة: «يثقلني» يجهدني ويتعبني ويعييني، «أنهض» أقوم، والنهض مصدره، «السكر» بفتح السين وكسر الكاف - صفة مشبهة بمعنى الثمل، وهو الذي أخذ منه السكر فهد قواه.
الإعراب: «وقد» حرف تحقيق، «جعلت» جعل: فعل ماض ناقص، وتاء المتكلم اسمه، «إذا» ظرفية تضمنت معنى الشرط، «ما» زائدة «قمت» فعل وفاعل، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها، «يثقلني» يثقل: فعل مضارع، والنون للوقاية، والياء مفعول به، «ثوبي» ثوب: فاعل يثقل مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، وثوب مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، وستعرف ما في هذا الإعراب من مخالفة الأصل وإن كان هذا هو الظاهر، «فأنهض» الفاء عاطفة، أنهض: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، «نهض» مفعول مطلق مبين للنوع، ونهض مضاف و «الشارب» مضاف إليه، «السكر» صفة للشارب، «وكنت» الواو عاطفة، كان: فعل ماض ناقص، وتاء المتكلم اسمه، «أمشي» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والجملة في محل نصب خبر كان، «على رجلين» جار ومجرور متعلق بأمشي «معتدلا» حال من فاعل أمشي، «فصرت» الفاء عاطفة، صار: فعل ماض ناقص، وتاء المتكلم اسمه «أمشي» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والجملة في محل نصب خبر صار، «على أخرى» جار ومجرور متعلق بأمشي «من الشجر» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لأخرى.
الشّاهد فيه: عبارة المؤلف ظاهرة في أنه لم يرد الاستشهاد بهذا البيت إلا على مجيء «جعل» فعلا من الأفعال التي تعمل عمل كان وتختص بكون خبرها لا يكون إلا فعلا مضارعا، ولكن العلماء ينشدون هذا البيت لأن ظاهره أن المضارع الذي وقع خبرا لجعل - وهو «يثقلني» - قد رفع اسما ظاهرا مضافا إلى ضمير اسمها، وهذا الاسم هو قوله «ثوبي»، وهذا غير مرتضى عند جمهرة العلماء، ولو أنه جاء بالكلام على ما هو الموافق لما ارتضوه لقال «وقد جعلت أثقل» فيكون الفعل المضارع رافعا لضمير يرجع إلى اسم جعل، وقد تخلص العلماء من هذا الظاهر بأن جعلوا فاعل «يثقلني» ضميرا مستترا يعود إلى التاء التي هي اسم جعل، وقوله «ثوبي» بدلا من هذا الضمير المتصل، فإن قلت: كان يجب أن لو كان فاعل يثقلني ضميرا مستترا للمتكلم أن يقول: أثقل؛ لأن حرف المضارعة الموضوع للدلالة على المتكلم هو الهمزة، قلنا: إن أصل الكلام: وقد جعلت أثقل ثوبي؛ فلما أبدل ثوبي من الضمير المستتر أو من التاء جاز إعادة الضمير على البدل؛ لأنه هو المقصود بالحكم، فافهم.