شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

قد يضمر عامل المفعول به جوازا أو وجوبا، في مواضع: منها باب الاشتغال

صفحة 242 - الجزء 1

  وأقول: الذي ينصب المفعول به واحد من أربعة: الفعل المتعدّى، ووصفه⁣(⁣١)، ومصدره، واسم فعله؛ فالفعل المتعدى نحو: {وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ}⁣[النمل - ١٦] ووصفه نحو: {إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ}⁣[الطلاق - ٣] ومصدره نحو: {وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ}⁣[البقرة، ٢٥١ والحج - ٤٠] واسم فعله نحو: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}⁣[المائدة - ١٠٥].

  وكونه مذكورا هو الأصل، كما في هذه الأمثلة، وقد يضمر: جوازا إذا دل عليه دليل مقاليّ أو حاليّ؛ فالأول نحو: {قالُوا خَيْراً}⁣[النحل، ٣٠] أي: أنزل ربّنا خيرا، بدليل {ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ}⁣[النحل، ٣٠] والثاني نحو: «قولك لمن تأهّب لسفر: «مكّة» بإضمار تريد، ولمن سدّد سهما: «القرطاس» بإضمار تصيب.

  وقد يضمر وجوبا في مواضع: منها باب الاشتغال، وحقيقته: أن يتقدم اسم، ويتأخر عنه فعل أو وصف صالح للعمل فيما قبله، مشتغل عن العمل فيه بالعمل في ضميره أو ملابسه.

  فمثال اشتغال الفعل بضمير السابق «زيدا ضربته» وقوله تعالى: {وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ}⁣[الإسراء - ١٣].

  ومثال اشتغال الوصف «زيدا أنا ضاربه، الآن أو غدا».

  ومثال اشتغال العامل بملابس ضمير السابق «زيدا ضربت غلامه» و «زيدا أنا ضارب غلامه، الآن أو غدا».

  فالنصب في ذلك وما أشبهه بعامل مضمر وجوبا؛ تقديره: ضربت زيدا ضربته، وألزمنا كل إنسان ألزمناه.

  وإنما كان الحذف هنا واجبا لأن العامل المؤخّر مفسّر له، فلم يجمع بينهما⁣(⁣٢).


(١) المراد وصف الفعل المتعدي، والمراد به اسم فاعل الفعل المتعدي لواحد كضارب وبالغ، واسم مفعول الفعل المتعدي لاثنين نحو «زيد معطي عمرو درهما» وكذا المراد مصدر الفعل المتعدي، واسم الفعل النائب عن فعل متعدّ.

(٢) لأن العامل المؤخر المفسر للمحذوف، كالعوض من المحذوف، وهم لا يجمعون في الكلام بين العوض والمعوض عنه على ما عرفته.