شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثامن من المنصوبات: التمييز

صفحة 281 - الجزء 1

  أحدها: أن يكون محوّلا عن الفاعل، كقول الله ø: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً}⁣[مريم - ٤]: أصله: واشتعل شيب الرأس: وقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً}⁣[النساء، ٤] أصله: فإن طابت أنفسهنّ لكم عن شيء منه، فحوّل الإسناد فيهما عن المضاف - وهو الشيب في الآية الأولى، والأنفس في الآية الثانية - إلى المضاف إليه - وهو الرأس، وضمير النسوة - فارتفعت الرأس، وجيء بدل الهاء والنون بنون النسوة، ثم جيء بذلك المضاف الذي حوّل عنه الإسناد فضلة وتمييزا، وأفردت النفس بعد أن كانت مجموعة؛ لأن التمييز إنما يطلب فيه بيان الجنس، وذلك يتأدى بالمفرد.

  الثاني: أن يكون محوّلا عن المفعول، كقوله تعالى: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً}⁣[القمر - ١٢] قيل: التقدير [وفجرنا] عيون الأرض، وكذا قيل في «غرست الأرض شجرا» ونحو ذلك.

  الثالث: أن يكون محوّلا عن غيرهما، كقوله تعالى: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً}⁣[الكهف، ٣٤] أصله: مالي أكثر، فحذف المضاف - وهو المال - وأقيم المضاف إليه - وهو ضمير المتكلم - مقامه، فارتفع وانفصل، وصار: أنا أكثر منك، ثم جيء بالمحذوف تمييزا، ومثله «زيد أحسن وجها» و «عمرو أنقى عرضا» وشبه ذلك، وجه زيد أحسن، وعرض عمرو أنقى.

  الرابع: أن يكون غير محوّل، كقول العرب: «لله درّه فارسا» و «حسبك به ناصرا» وقول الشاعر:

  ١٢٠ - * يا جارتا ما أنت جاره*

  «يا» حرف نداء «جارتا» منادى مضاف للياء، وأصله «يا جارتي» فقلبت


١٢٠ - هذا نصف بيت من الكامل المجزوء من كلام الأعشى أبي بصير ميمون بن قيس، ومن العلماء من جعل هذا عجز البيت، وجعل صدره قوله:

* بانت لتحزننا عفاره*

ومنهم من عكس؛ فجعل المذكور في الكتاب صدرا، وجعل الذي ذكرناه عجزا، وهو المرويّ في ديوانه (ص ١١١ طبع فيينا).