شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الحادي عشر: خبر كاد وأخواتها

صفحة 296 - الجزء 1

  ومثال الاقتران بها قول الشاعر:

  ١٣١ - كادت النّفس أن تفيض عليه ... مذ ثوى حشو ريطة وبرود

  وقوله:

  ١٣٢ - سقاهاذوو الأحلام سجلا على الظّما ... وقد كربت أعناقها أن تقطّعا


١٣١ - هذا بيت من الخفيف، وهو من كلمة لمحمد بن مناذر، أحد شعراء البصرة، يرثي فيها رجلا اسمه عبد الحميد، وقبل بيت الشاهد قوله:

إنّ عبد الحميد يوم توفّي ... هدّ ركنا ما كان بالمهدود

ليت شعري وهل درى حاملوه ... ما على النّعش من عفاف وجود

وأنشد ابن قتيبة البيت الشاهد في أدب الكاتب (ص ٣١٤ بتحقيقنا) ونسبه ابن السيد البطليوسي لأبي زبيد الطائي يرثي اللجلاج الحارثي، وقد أنشد هذا البيت أيضا ابن عقيل

(رقم ٨٩) والمؤلف في أوضحه (رقم ١٣٧) والأشموني (رقم ٢٣٥).

اللّغة: «تفيض» من قولهم: فاضت نفس فلان، ويروى «تفيظ» بالظاء، وكل العلماء يجيز لك أن تقول: فاظت نفس فلان، إلا الأصمعي فإنه أبى إلا أن تقول: فاظ فلان، من غير أن تذكر لفظ النفس، أو تقول: فاضت نفس فلان، بالضاد، «مذ ثوى» أي أقام، ويروى في مكانه «إذ غدا»، وقوله «ريطة» هو بفتح الراء المهملة وسكون الياء المثناة - الملاءة إذا كانت قطعة واحدة، «برود» جمع برد - بضم الباء وسكون الراء وآخره دال مهملة - وهو الثوب، وأراد هنا الأكفان التي يلف فيها الميت.

الإعراب: «كادت» كاد: فعل ماض ناقص، والتاء علامة التأنيث، «النفس» اسم كاد، «أن» حرف مصدري ونصب، «تفيض» فعل مضارع منصوب بأن، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى النفس، وأن مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر منصوب خبر كاد، «عليه» جار ومجرور متعلق بتفيض، «إذ» ظرف للزمان الماضي متعلق بقوله تفيض، مبني على السكون في محل نصب، «ثوى» فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والجملة في محل جر بإضافة إذ إليها، ومن رواه «مذ ثوى» فمذ كذلك ظرف، والجملة في محل جر بالإضافة، «حشو» حال من فاعل ثوى، وحشو مضاف و «ريطة» مضاف إليه، «وبرود» معطوف على ريطة.

الشّاهد فيه: قوله: «كادت النفس أن تفيض» حيث أتى بخبر كاد فعلا مضارعا مقترنا بأن، وهذا نادر في خبر ذلك الفعل.

١٣٢ - هذا بيت من الطويل من كلمة لأبي زيد الأسلمي، يهجو فيها إبراهيم بن هشام