شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الحادي عشر: خبر كاد وأخواتها

صفحة 297 - الجزء 1

  «تقطّع» فعل مضارع، وأصله تتقطع فحذف إحدى التاءين، ولم يذكر سيبويه في خبر «كرب» إلا التجرد.

  القسم الرابع: ما يمتنع اقتران خبره بأن، وهو أفعال الشّروع: طفق، وجعل، وأخذ، وعلق، وأنشأ، وهبّ، وهلهل، قال الله تعالى: {وَطَفِقا يَخْصِفانِ}⁣[الأعراف، ٢٢ وطه - ١٢١].

  وقال الشاعر:

  ٨٧ - وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني ... ثوبي، فأنهض نهض الشّارب السّكر⁣(⁣١)


ابن إسماعيل بن هشام بن المغيرة والي المدينة، وكان قد مدحه قبل، فلم ترقه مدحته فلم يعطه، وزاد على ذلك أن أمر به فعذب بالسياط، وأول هذه الكلمة قوله:

مدحت عروقا للنّدى مصّت الثّرى ... حديثا، فلم تهمم بأن تترعرعا

وقد روى أبو العباس المبرد هذه الأبيات، وذكر كلمة أبي زيد، وفيها بيت الشاهد (انظر الكامل ج ١ ص ١٠٩) والبيت الشاهد قد أنشده ابن عقيل (رقم ٩٣) والمؤلف في أوضحه (رقم ١٣٨) والأشموني (رقم ٢٤١).

اللّغة: «عروقا» العروق: جمع عرق - بكسر فسكون - وأصله عرق الشجرة الضارب في الأرض، «مصت الثرى حديثا» أراد أنها ذاقت طعم الغنى حديثا، والثرى في الأصل: التراب، فأما الغنى فهو الثراء - ممدودا - وعبر بالثرى لمناسبة العروق، «لم تهمم» تقول: هم فلان بأمر كذا، إذا اعتزم أن يفعله وصمم على ذلك، «بأن تترعرعا» بأن تنمو وتزيد، يريد أنها لم تكن على استعداد لذلك لضآلة أصلها، «ذوو الأحلام» أي: أصحاب العقول، ويروى في مكانه «ذوو الأرحام» وهم الأقارب من جهة النساء ويعني بذوي الأرحام هشام بن عبد الملك بن مروان الخليفة، وكان إبراهيم بن هشام الذي قيل فيه هذا البيت خاله، «سجلا» - بفتح السين وسكون الجيم - الدلو العظيمة المملوءة ماء، وقيل: هو ملؤها.

الإعراب: «سقاها» سقى: فعل ماض، وضمير الغائبة العائد إلى العروق في البيت الذي أنشدناه مفعول به أول، «ذوو» فاعل سقى، مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم، وذوو مضاف و «الأحلام»


(١) قد سبق الكلام على هذا الشاهد بما لا تحتاج معه إلى إعادة شيء من القول عليه (فانظره في أثناء الكلام على المرفوعات فيما مضى من هذا الكتاب).